الأحد، 6 مايو 2018

التمييز ما بين المسؤولية العقدية و المسؤولية التقصيرية


اعداد : محمد رياض ، طالب بكلية الحقوق مراكش

تمهيد :

المسؤولية التزام ناشئ عن تصرفات . فإذا ما أخل أحد بالتزام يقع عليه ترتبت على هذا الاخلال مسؤولية مدنية ، فهي جزاء الإخلال بالتزام سابق يترتب عنها تعويض عن الضرر الناجم عن إخلال المسؤول بهذا الالتزام.
ــ» إذا كان مصدر هذا الالتزام الإرادة، فالمسؤولية المتولدة عنه عقدية، وإذا كان مصدره القانون فالمسؤولية المتولدة عنه تقصيرية. 

فالمسؤولية العقدية هي التي تترتب على عدم تنفيذ الالتزام الناشئ عن العقد على الوجه المتفق عليه.

مثال :

كمسؤولية المقاول عن التأخر في إقامة البناء الذي تعهد ببنائه عن الميعاد المتفق عليه، أو مسؤولية البائع عن عدم نقل ملكية المبيع إلى المشتري إذا كان يتصرف فيه بعد البيع.

وحيث أن العقد شريعة المتعاقدين، فإن عدم الوفاء به يستوجب التعويض، وهذا ما عبر عنه المشرع في الفصل 263 (ق.ل.ع) إذ يقول : 

" يستحق التعويض إما بسبب عدم الوفاء بالالتزام، وإما بسبب التأخر في الوفاء، وذلك ولو لم يكن هناك أي سوء نية من جانب المدين ".

أما المسؤولية التقصيرية ، فهي التي تنشأ عن الإخلال بالواجبات التي يفرضها القانون.

مثال :

كضرورة إحترام حقوق الجوار، أوكمسؤولية سائق السيارة الذي يقودها دون حيطة فيصيب إنسانا او يتلف مالا،أوكاشتراط القانون عدم الإضرار بالغير، فكل من تسبب في وقوع هذا الضرر إلا ويلزم بأداء التعويض للطرف المضرور.

وقد قرر المشرع المغربي هذه القاعدة في الفصل 77 (ق.ل.ع):

" كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار، ومن غير أن يسمح به القانون فأحدث ضررا ماديا او معنويا للغير التزم مرتكبيه بتعويض هذا الضرر ". 

نظرية وحدة المسؤولية :

من أهم المناصرين لهذه النظرية الأستاذ بلانيول ، و هي تقوم على فكرة مفادها أن لا محل للتمييز بين المسؤولية العقدية و المسؤولية التقصيرية ، فكلتاهما جزاء لالتزام سابق ، هذا الجزاء إما أن يكون لالتزام عقدي و إما أن يكون لالتزام قانوني ، و في كلتا الحالتين تتحقق المسؤولية لسبب واحد هو اخلال المدين بهذا الالتزام ، فالمسؤوليتان تتحدان في السبب و النتيجة ، فتكون طبيعتهما واحدة و لا مجال للتفريق بينهما .

لكن !

وعلى الرغم من مناصرة فريق من الفقهاء لوحدة المسؤولية المدنية، إلا أن معظم التشريعات المعاصرة أخذت بازدواجية المسؤولية، فجلعت من المسؤولية التقصيرية مصدرا للالتزام، واعتبرت المسؤولية العقدية أثرا من آثار العقد الذي تم الإخلال به.

– نظرية ازدواجية المسؤولية : 

يشكل أنصار نظرية ازدواجية المسؤولية الاتجاه الحديث ، و هم يقولون بأن هناك فروقا هامة ما بين المسؤوليتين العقدية و التقصيرية ، تقتضي وجوب التمييز بينهما حتى يطبق على كل منهما ما يخصه من أحكام . و يجملون هذه الفروق في الوجوه التالية :

من حيث الأهلية : في المسؤولية العقدية تشترط أهلية الرشد في أغلب العقود . أما في المسؤولية التقصيرية فتكفي أهلية التمييز .
من حيث الاثبات : في المسؤولية العقدية يتحمل المدين عبء اثبات أنه قام بالتزامه العقدي بعد أن يثبت الدائن وجود الحق . أما في المسؤولية التقصيرية فالدائن هو الذي يثبت أن المدين قد ارتكب عملا غبر مشروع .

من حيث التقادم : تتقادم الدعوى في المسؤولية التقصيرية بمرور خمسة اعوام ( الفصل 106 من قانون العقود والالتزامات) اما في المسؤولية العقدية فتتقادم مبدئيا بمرور خمسة عشر سنة مع بعض الاستثناءات كقضايا عقدة النقل الجوي حيث ينص الفصل 220 من المرسوم المنظم للطيـــران المدنـــــي والمــــؤرخ فــــي 7 صفر 1382 موافق 10 يوليوز1962، على ان الاجل سنتان تبتدئ من اليوم الذي وصلت فيه الطائرة او الذي كان يجب ان تصل فيه الى المكان المحدد لها. أوفي النقل البحري فالدعاوي الناتجة عن عقدة كراء السفينة تنقضي بمرور سنة واحدة ( انظر الفصل 263 من القانون البحري)

* من حيث الإعذار : في المسؤولية العقدية يشترط اعذار المدين ما عدا في حالات استثنائية . بخلاف المسؤولية التقصيرية التي لا يشترط فيها .
* من حيث التعويض : في المسؤولية العقدية لا يكون التعويض إلا عن الضرر المباشر متوقع الحصول . أما في المسؤولية التقصيرية فيكون التعويض عن أي ضرر مباشر سواء كان متوقعا أم غير متوقع .

من حيث التضامن : لا تضامن في المسؤولية العقدية، إلا إذا اتجهت إليه إرادة المتعاقدين صراحة، وقد أكد المشرع هذه القاعدة في الفصل 164 (ق.ل.ع) الذي جاء فيه: " التضامن بين المدينين لا يفترض، ويلزم أن ينتج صراحة عن السند المنشئ للالتزام أو عن القانون، أو أن يكون النتيجة الحتمية لطبيعة المعاملة ". وفي المسؤولية التقصيرية فإن التضامن ثابت بحكم القانون في حالة تعدد المسؤولين.

من حيث الاعفاء من المسؤولية : في المسؤولية العقدية يجوز الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية أو التخفيف منها، ولا يمكن الاتفاق مسبقا على مخالفة قواعد المسؤولية التقصيرية لأن لها علاقة بالنظام العام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

أساتذة القانون يطالبون بولوج مهنة المحاماة

أثارت مسودة مشروع مهنة المحاماة، التي أعدتها جمعية هيئات المحامين بالمغرب، نقاشا واسعا في صفوف أساتذة القانون بمختلف كليات الحقوق على الصع...

المشاركات الشائعة