‏إظهار الرسائل ذات التسميات S4 Droit. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات S4 Droit. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 30 أبريل 2018

كيف تعلق على حكم أو قرار قضائي...


إن أول ما يواجه الطالب الذي انكب على دراسة القانون هو الإشكاليات المتعلقة بحركية النصوص القانونية في الواقع ، ذلك أن تلك الحركية يمكن أن تتجسد في شكل قضايا و نوازل تعرض على المهتمين بالشأن القاوني لإبداء رأيهم فيها على شكل استش ارات قانونية أو تعرض على المحاكم قصد الحصول على أحكام قضائية فاصلة فيها.
كيف تعلق على حكم أو قرار قضائي


و من الأمور التي ينبغي على طالب القانون الاهتمام بها الأحكام و القرارات القضائية الصادرة عن المحاكم في النوازل و القضايا المعروضة عليها للبت فيها. ذلك أن تلك الأحكام و القرارت تعتبر بمثابة التطبيق العملي للنص القانون الذي يكتفي طالب القانون بدراسته نظريا بمدرجات الكلية.

و عليه ، فإذا طلب من الطالب التعليق على القرار أو الحكم القضائي فما هي الخطوات التي ينبغي له التقيد بها؟  

إن المنهجية الأكاديمية للتعليق على الأحكام و القرارات القضائية تقتضي المرور عبرمجموعة من المراحل يمكن إيجازها في الآتي :  

أولا : الإحاطة بموضوع النازلة .
ثانيا : تلخيص الوقائع .
ثالثا : دراسة وجهة نظر المحكمة في القضية و إبراز النقاط التي ارتكزت عليها للفصل في الموضوع .
رابعا : إعطاء تقييم لما وصلت إليه المحكمة في حكمها .  

و فيما يلي التفصيل في ذلك .  

أولا : الإحاطة بموضوع النازلة . إن أول خطوة يجب أن يسلكها الطالب المقبل على التعليق على حكم قضائي أو قرار قضائي هي أن يعرف و بتفصيل الوقائع المادية التي تشكل جوهر النزاع بين الأطراف و التي لم تكن محل تفاهم بينهم ، الشيء الذي يجعلهم يرفعون النزاع أمام المحكمة للفصل فيه . و للوقوف على تلك الوقائع يجب أن يكون الطالب حذرا و هو يتمعن الأحداث المكونة للقضية، ذلك أن أي إغفال لأي عنصر من شأنه أن يعطي للنزاع مسار آخر - و هو ما يفسر في القانون بتحريف الوقائع، و الذي يعتبر سببا من أسباب الطعن في الأحكام و القرارات القضائية . و الطالب و هو بصدد دراسة الوقائع يجب عليه أن يستنبط المفاهيم الأساسية التي تؤطر النزاع موضوع الحكم و أن يعطي لها تعريفها الخاص بها سواء من الناحية القانونية النظرية أو إن كان ملما من ناحية العمل القضائي كذلك - كما هو الأمر مثلا بالنسبة لمفهوم المشاركة في القانون الجنائي التي تستخدم في العمل القضائي في محل مفهوم المساهمة . و بذلك يكون الطالب بحسب تمكنه من المبادئ الأساسية التي تلقاها بالكلية و مدى إدراكه لجوهرها ،وكيفية استعمالها، قادرا على الإحاطة من الناحية القانونية بالوقائع المكونة للنوازل و القضايا موضوع التعليق، و هو الأمر الذي يسهل عليه المرور للخطوة التالية .  

ثانيا : تلخيص الوقائع . إن الخطوة الأولى متى كانت متقونة على الوجه السليم، سوف تكون بمثابة الجزء الأكبر من المرحلة الثانية في التعليق على الحكم أو القرارا القضائي . ذلك أن هضم البنية العامة للوقائع - أن صح التعبير - يعتبر المفتاح الأساسي لإعادة صياغة تلك الوقائع بالأسلوب الخاص للطالب - هنا تجدر الإشارة إلى أن المراقب لذلك التعليق يعرف من خلال هذه الخطوة الثانية مدى تمكن الطالب من فهم الوقائع على النحو السليم أم لا - صياغة غير مخلة بالمعنى ،و لا مفرطة في الأركان الأساسية المكونة للنزاع. ويلعب الأسلوب والمصطلحات ومدى تمكن الطالب من المفاهيم الأساسية للقانون أدوارا مهمة في إعادة صياغة الوقائع ، لأن تلك الصياغة هي التي ستؤدى لا محالة إلى إيجاد تصور أو إطار عام لحل ذلك النزاع. و هذا التصور هو ما سوف يوجه الطالب و هو بصدد دراسة موقف المحكمة من النزاع المعروض عليها، و لذلك فإنه كما تبين أن الخطوة الأولى تشكل العمود الفقري للخطوة الثانية ، فإن هذه الأخير هي بدورها تلعب دورا حاسما في فهم رأي المحكمة ،و هو ما يجب أن نشير إليه في الآتي.  

ثالثا : دراسة وجهة نظر المحكمة في القضية و إبراز النقاط التي ارتكزت عليها للفصل في الموضوع . إن درجة اليقظة و التنبه التي يجب أن تتوفر في الطالب و هو بصدد فهم الوقائع و إعادة صياغتها، يتعين أن تضاعف و هو بصدد دراسة موقف المحكمة من القضية المعروضة عليها . إن المحكمة و هي تبت في القضايا المعرروضة عليها تأخذ - لا محالة - بمجموعة من الأمور قد لا يشار إليها في الحكم أو القرار موضوع التعليق ، كما أنها قد تأخذ بالاتجاه العام للعمل القضائي في شأن نقطة قانونية معينة - كما هو الأمر مثلا بالنسبة للطرق التي تستفاد منها نهائية الأحكام الأجنبية المراد تذييلها بالصيغة التنفيذية هنا بالمغرب, فهذه الأمور التي تكون غالبا غائبة عن ذهن الطالب و هو بصدد التعليق قد تعطي لذلك التعليق بعدا آخر إما أن ينحو نحو تكوين الرأي السليم أو تكوين رأي خاطئ عن الوجهة التي خلصت إليها المحكمة . و عليه فعلى الطالب أن يقف مليا أمام النقاط التي يرى أنها غامضة و ذلك بطرح جميع الجوانب التي يمكن أن تكون قد أثيرت أمام المحكمة ،و لم تذكر بالقرار أو الحكم القضائي - هنا تجدر الإشارة إلى أن هناك فرقا جوهريا بين أن تدلي برأيك أو تفصل في نزاع معروض عليك و أن تعلق على حل خلص إليه الغير في نزاع عرض عليه ، ذلك أنه في الحالة الأولى يتعين فقط التقيد بما هو معروص دون زيادة أو ن قصان و إعطاء الحل القانوني المناسب عبى ضوء الوقائع المعروضة فقط ، أما في الحالة الثانية فيمكن للمعلق أن يتوسع في التحليل و التعليق بطرح الاحتمالات التي تكون قد ساهمت في الوصول للحل المعطى للوقائع و النوازل . و بالتمكن من تلك الخطوات و تلك الآليات العقلية، يمكن أن ننتظر من الطالب تعليقا مميزا عن الحكم أو القرار الذي هو موضوع التعليق. فمتى يظهر هذا التميز؟ يظهر بطبيعة الحال في الخطوة الرابعة و الأخيرة .  

رابعا : تقييم الحل القضائي. التقييم إبداء لوجهة النظر في الشيء المعروض عليك، و من تم فإن الهدف الأساسي من التعليق هو إبداء وجهة نظرك الأخيرة على ضوء الخطوات التي سلكتها منذ الأول،و عليه، فإن تقييمك للحل القضائي للنزاع سوف يكون بالضرورة بين المؤيد و المعارص لذلك الحل أو أن تؤيده في جزء و تنتقده في جزء آخر، و هذا يتوقف على درجة انتباهك و تمكنك من الوسائل القانونية المفيدة في ذلك.

و عليه ، فليس من الواجب أن يكون نظرالطالب مسايرا لما خلصت إليه المحكمة أو معارضا لذلك، و لكن المفروض علي الطالب و هو بصدد تقييم الحل القضائي أن يكون رأيه مؤسسا ومنطقيا، مستغلا في ذلك جميع معارفه القان ونية والعلمية و المنطقية التي يجب أن تجعل من الموقف الذي أخذه من الحل القضائي يشكل كتلة منسجمة من الناحية القانونية مع الأسس المعتمدة. إذا تمكن الطالب مما ذكر كان تعليقه أكثر انسجاما و أكثر وضوحا، و أكثرتميزا.و بالتوفيق للجميع.   في انتظار تعليقاتكم و إضافاتكم .

تعريف القانون وخصائص القاعدة القانونية ...


- القانون في مجمله هو مجموعة من القواعد التي تحكم وتنظم سلوك الأفراد في الجماعة وتوفق بين مصالحهم والتي يفرض  على مخالفها جزاء توقعه السلطة العامة، والقانون بهذا المعنى ليس إلا مجموعة من القواعد ، فالقاعدة هي الوحدة أو الخلية  التي يتكون منها ،

 وللقاعدة القانونية عدة خصائص هي :

1) إنها قاعدة سلوكية إن هدف القاعدة القانونية هو تنظيم السلوك فهي قاعدة تقويمية يراد بها توجيه السلوك وجهة معينة ، وهذا التوجيه قد يكون  بطريقة مباشرة عندما تتضمن القاعدة أمرا أو نهيا كما قد يكون توجيه السلوك بطريقة غير مباشرة حيث تضمن القاعدة  تعريفا أو تنظيما فيكون الالتزام بها بمطابقة السلوك لأحكام هذا التنظيم .

2) إنها قاعدة عامة ومجردة : يقصد بعموم القاعدة القانونية أن تكون القاعدة غير مخصصة فيما تضعه من أحكام بشخص أو أشخاص معينين بذواتهم ،  ويقصد بالتجريد أن خطاب القاعدة القانونية لا يوجد إلى شخص بعينه أو واقعة بذاتها وانما العبرة فيه تكون بعموم الصفة  وبتحقق بشأنها الشروط بحيث تنطبق على كل واقعة تتحقق بشأنها الشروط المتطلبة وعلى كل شخص اجتمعت فيه الصفات  المستلزمة ، لذلك يضطرد تطبيق القاعدة القانونية على كل حالة تنشأ في أي وقت وتتوفر فيها شروط انطباقها . 

3) إنها قاعدة اجتماعيه : إن الحاجة إلى قواعد القانون لا تبدوا إلا مع قيام الجماعة حيث تظهر الحاجة إلى تنظيم علاقات أفراد هذه الجماعة بعضهم  البعض ، فالحياة الاجتماعية تقتضي ضبط علاقات الأفراد وإخضاعها للقيود التي ترمي إلى تحقيق التوازن بين الجانب  الفردي والجانب الاجتماعي لتحقيق الاستقرار والسلام في الجماعة وهذا دور القاعدة القانونية . والقاعدة القانونية وفق هذا المعنى هي قاعدة اجتماعية فيجب أن تتواءم مع ظروف المجتمع وعاداته وتقاليده ومعتقداته ، فإذا  انحرفت القاعدة عن هذه الأسس ولم تراع المثل العليا لذلك المجتمع قدر لها أن تفشل في حكم وتوجيه سلوك أفراد الجماعة .

4) إنها قاعدة ملزمة ومقترنة بجزاء : ويقصد بذلك أن للقاعدة القانونية جزاء ماديا يفرض على مخالفها ، تتولى توقيعه السلطة العامة ومرد ذلك هو الغاية من  القاعدة ذاتها ، فالقانون يهدف إلى إقامة النظام في المجتمع وحكم سلوك أفراده وهو ما لا يتأتى إن ترك أمر الانصياع إلى  حكمه لتقدير المخاطب بأحكامه بل إن قواعد القانون هي قواعد إجبارية ومن شأن مخالفتها ترتيب الجزاء . ثانيا مصادر القاعدة القانونية : يمكن تقسيم مصادر القاعدة القانونية إلى قسمين : المصادر المادية أو الموضوعية : وهي المصادر التي يستمد منها مضمون القاعدة القانونية ،أو بمعنى آخر هي العوامل التي  أسهمت في تكوين مضمون القاعدة كالعوامل الاجتماعية أو الاقتصادية .

المصادر الرسمية أو الشكلية :

وهي الوسائل التي تخرج بها القاعدة إلى حيز النفاذ لتخاطب الناس بأحكامها على نحو ملزم ،  وتسمى رسمية لكونها الطرق المعتمدة التي تجعل من القاعدة ملزمة ، وهي مصادر شكلية في كونها الشكل الذي تظهر به  القاعدة ملزمة للجماعة . وهي

:- 1- التشريع  ويقصد به سن القواعد القانونية في صورة مكتومة بمعرفة سلطة عامة في الدولة مختصة بوضعه ، كما يطلق مصطلح  التشريع على المصدر أو القاعدة التي تخرج من هذا المصدر . والتشريع وفق هذا المعنى له ثلاث خصائص ، فالأولى تتمثل في وجوب صدوره في صورة نصوص مكتوبة ، والثانية في  كونه صادرا عن سلطة عامة مختصة بوضعه ، والثالثة أن القاعدة التي مصدرها التشريع تتوافر بشأنها خصائص القاعدة  القانونية لا سيما خاصية التجريد التي تؤدي إلى عموم تطبيق القاعدة القانونية . وللتشريع مزايا متعددة أهمها سهولة وضعه وتعديله وإلغائه ، وكذلك سهولة الرجوع إليه فضلا عما يؤدي إليه من توحيد  النظام القانوني في الدولة وتحديده وتطوير المجتمع . ويعتبر التشريع أهم المصادر الرسمية للقانون في الدول الحديثة إذ أن أغلب القواعد القانونية مصدرها التشريع . وسنعرض  للتشريع كمصدر للقانون بشيء من التفصيل لدى دراسته كمصدر للقانون العماني

. -2 الدين :- يعتبر الدين مصدرا رسميا أصليا للقواعد القانونية التي تحكم المسائل التي تثيرها علاقات الناس بعضهم البعض وعلى  الأخص في الدول الإسلامية ، والمقصود بالدين في هذه الدول القواعد والأحكام التي أنزلها الله تعالى لارشاد الناس وتوجيه  سلوكهم ابتداء من نظم العبادات أي علاقة الإنسان بخالقه وكذلك المعاملات أي علاقة الخلق بعضهم البعض .

3-العرف :- يقصد بالعرف اعتياد الناس على سلوك معين في مسألة من المسائل مع اعتقادهم بأن هذا السلوك اصبح ملزما وأن مخالفته  تستتبع توقيع جزاء مادي جبرا . ويعد العرف أقدم المصادر الرسمية للقانون وهو مصدر تلقائي يرتبط مباشرة بنشأة وتطور المجتمعات ويتميز العرف بأنه  ينبع من الناس باتباعهم سنة معينة في أمر من أمور حياتهم الاجتماعية . ووفق هذا التعريف فانه يستلزم وجود ركنين للعرف ، الأول مادي يتمثل في الاعتياد على سلوك معين وهو ما يسمى بالعادة ،  والآخر معنوي يتمثل في الشعور بإلزام هذه العادة التي اضطرد على ابتاعها .

4) الفقه والقضاء: -كان الفقه والقضاء مصدرين رسميين للقانون في بعض الأنظمة القديمة ، إلا أن، دور الفقه تضاءل في القوانين الحديثة  حيث انحصر دوره في كونه مصدرا تفسيريا يرجع إليه للاستئناس فحسب ، غير أن ذلك لا يمس بالدور الذي يقوم به الفقه  في تطوير القانون حيث انه الكاشف الأول لقصور القانون والمطالب الأول لسد النقص فيه . وفيما يتعلق بالقضاء فقد كانت السوابق القضائية مصدرا رسميا من مصادر القانون حيث أن الأحكام الصادرة عن المحاكم  تدخل بصفة تلقائية في صلب القانون كقواعد لها نفس قوته . وكما هو الحال بالنسبة للفقه فقد تضائل دور القضاء في  القوانين الحديثة فيما عدا القانون الإنجليزي والقوانين التي تنهج نهجه إذ يمثل القضاء مصدرا رسميا لقواعده القانونية .

5) مبادئ العدالة الطبيعية : وبعيدا عن الجدل في تصنيفها مصدرا رسميا أو غير رسمي للقاعدة القانونية فان  المبادئ الطبيعية أو ما يسمى ( مبادئ  العدالة الطبيعية ) تعد مصدرا مهما للقاعدة القانونية ، ويقصد بهذه المبادئ الأسس  الطبيعية ( الفطرية) التي تحكم سلوك  البشر هكذا نكون عرضنا تعريف القاعدة القانونية وتحديد خصائصها وكذلك المصادر التي ينهل منها القانون ويستمد كينونته.  
منقول للافادة

حقوق الإنسان (Human Rights)

موضوع حقوق الإنسان (Human Rights) باللغة الإنجليزية أو  Droit de l’homme باللغة الفرنسية، موضوع قديم جديد، شغل به المفكرون على امتداد العصور واهتمت به الإنسانية جمعاء في كل زمان ومكان,,, والسبب...



الإنسان بطبيعته متطلع للحياة الحرة الكريمة وأن البشرية تعاني باستمرار مواقف القهر والاضطهاد سواء بين شعب وأخر أو بين فئة وأخرى داخل الشعب الواحد بحكم التفاوت الطبقي أو غيره من الاختلالات الاجتماعية، ومن تم كان الناس في مقاومة دائمة للإحراز على الحقوق ولا سيما على الحقوق الأولية البسيطة التي يمكن وصفها بالطبيعية، وبعد ذلك جاءت الحروب لتعمق هذه المشاعر.

نشأت فكرة حقوق الإنسان في مناخ ليبرالي جسدته فلسفات الحق الطبيعي ألتي كانت هي المختبر النظري الأول الذي مرت منه، وفي مرحلة ثانية تبلورت هاته الفكرة ضمن مخاضات العقل العملي الذي جسدته الثورات السياسية، الكبرى، في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1776 والثورة الفرنسية سنة 1787.

لكن حداثة الفكرة لا تعني بالضرورة حداثة مضمونها الغير مقيد بحقبة تاريخية معينة أو مترتب عن إيديولوجية محددة وإنما هو نتاج لتراكمات تاريخية متتالية ومتعاقبة زادت من قيمته الديانات السماوية التي أغنت محتواه ومددت معالمه، فحقوق الإنسان كمضمون سابقة لظهور هذا المفهوم وذلك بقرون وقرون.

ويمكن الاعتراف حاليا لمنظمة الأمم المحتدة بدورها الكبير في تقنين حقوق الإنسان وتنظيمها في شكل إعلانات ومواثيق عالمية منذ سنة 1948، تاريخ صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما أن لهذه المنظمة العالمية دورا يمكن اعتباره، أكثر أو أقل أهمية في المراقبة الدولية للالتزامات المتعلقة بحقوق الإنسان وحمايتها أو النهوض بها بصفة عامة. 

وفي إطار البحث عن تعريف جامع وشامل لمصطلح حقوق الإنسان، نكتفي بتعريف أعطاه غوني كاسان  René cassein ، أحد واضعي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 والحائز على جائزة نوبل للسلام عام 1968 لحقوق الإنسان، بحيث يعتبره "علم مستقل بذاته ضمن فروع العلوم الاجتماعية يبحث في تنظيم العلاقات القائمة بين الأفراد وفقا لما تقتضيه كرامة الإنسان من حقوق وخيارات ضرورية...."

الأحد، 29 أبريل 2018

الرشوة كجريمة من جرائم الإخلال بالثقة العامة La CorrUPtion

الجرائم الماسة بالثقة العامة هي تلك الجرائم التي يكون اقترافها مفضيا إلى زعزعة ثقة الأفراد بالدولة وهي نوعين : 

1)النوع الأول لا يرتكبه مبدئيا إلا الموظفون العموميون ومن في حكمهك وتضم الرشوة واستغلال النفوذ والاختلاس والغدر وتواطؤ الموظفين والشطط في استعمال السلطة وغيرها.... وهذا النوع هو الذي وصفه المشرع الجنائي المغربي بالجنايات والجنح التي يرتكبها الموظفون ضد النظام العام(المواد 233 إلى 262 من القانون الجنائي)

2)النوع الثاني فيرتكبه الموظفون وغير الموظفين ويشمل جرائم تتفق جميعها في حصيصة مميزة لها وهي أن ركنها المادي يقوم على الكذب وتغيير الحقيقة والخداع. وتضم جرائم التزوير والتزييف والانتحال(المواد 334 إلى 391 من القانون الجنائي)

غير انه نظرا لتعدد هذه الجرائم سواء التي يشملها النوع الأول أو الثاني فإنني سأقتصر على جريمة الرشوة كنموذج من النوع الأول على أن أقوم في مناسبة أخرى طرح جريمة التزوير كنموذج عن النوع الثاني نظرا لشيوعهما وحجم خطورتهما.

جريمة الرشوة تعتبر الرشوة ظاهرة خطيرة وجديرة بالمكافحة,لأنها تؤدي كما ذهب الدكتور المرصفاوي إلى أمرين خطيرين .أولهما أنها تسفر عن فقدان الثقة لدى الأفراد بالمهمة التي أودعتها الدولة بين أيدي الموظفين العموميين .
والأمر الآخر يكمن في أن الرشوة في حد ذاتها تؤدي إلى انتفاء العدالة بين المواطنين . فمن كانت له القدرة على دفع المقابل,تؤدى لمصلحته الأعمال الوظيفية.

ومن لا يستطيع أولا يريد تعففا تهدر حقوقه ومصلحته. والرشوة بهذا المفهوم هي اتجار الموظف العمومي ومن في حكمه بالوظيفة الموكولة إليه أو بالأحرى استغلال السلطات المخولة له بمقتضى تلك الوظيفة لحسابه الخاص وذلك حين يطلب لنفسه أو لغيره أو يقبل أو يأخذ وعدا أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته أو يزعم أنه من أعمال وظيفته أو للامتناع عن ذلك العمل أو للإخلال بواجبات وظيفته.
ونظرا لخطورة الرشوة فقد بادرت الشريعة الإسلامية إلى تحريمها والنهي عنها ففي كتاب الله تعالى بسورة البقرة الآية 187 يقول الله تعالى : "لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ". صدق الله العظيم وفي الحديث النبوي الشريف "لعن الله الراشي والمرتشي والرائش الذي يمشي بينهما". 

وبالنسبة للتشريعات الوضعية القديمة والحديثة منها فقد أجمعت على تجريم هذه الآفة وذلك من خلال تنظيميين مختلفين - تنظيم يرى أن الرشوة تتكون من جريمتين مستقلتين هما المرتشي الذي يجب أن يكون موظفا عموميا وجريمة الراشي الذي لا يشترط توفره على أية صفة.

وقد اخذ بهذا النظام المشرع الفرنسي والتونسي والأردني والألماني... وعن هذا الأخير اقتبس المشرع الجنائي المغربي الأحكام المنظمة للرشوة فاعتبر أن الرشوة تتشكل من صورتين مستقلتين هما جريمة المرتشي المنصوص عليها في المادتين 248 و249 من القانون الجنائي وجريمة الراشي المنصوص عليها في المادة 251 من نفس القانون.

- وتنظيم يرى بان الرشوة جريمة واحدة يرتكبها الموظف العمومي الذي يستغل وظيفته وحده كفاعل أصلي. أما الذي يقوم بتقديم الرشوة له مقابل حصوله على خدمة فيعتبر شريكا له وتسري عليه أحكام المشاركة وقد أخذ بهذا الاتجاه المشرع الجنائي المصري والعراقي والايطالي. قيام جريمة الرشوة باعتبار المشرع الجنائي المغربي تبنى الاتجاه الذي يعتبر الرشوة تتكون من جريمتين مستقلتين هما جريمة الراشي وجريمة المرتشي فان الضرورة تقتضي التطرق إلى العناصر التي تقيم كل جريمة على حدة من خلال النصوص القانونية المنظمة لكل منهما

1-   عناصر قيام جريمة المرتشي تنص المادة 248 من القانون الجنائي : (غير وتمم بالمادة الثانية من القانون رقم 03-79 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 129-04-1 بتاريخ 29 رجب 1425 (15 سبتمبر 2004) : ج.ر. بتاريخ فاتح شعبان 1425 (16 سبتمبر 2004)) : يعد مرتكبا لجريمة الرشوة ، ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس وبغرامة من ألفي درهم إلى خمسين ألف درهم ، من طلب أو قبل عرضا أو وعدا أو طلب أو تسلم هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى من أجل : 1) القيام بعمل من أعمال وظيفته بصفته قاضيا أو موظفا عموميا أو متوليا مركزا نيابيا أو الامتناع عن هذا العمل ، سواء كان عملا مشروعا أو غير مشروع ، طالما أنه غير مشروط بأجر. وكذلك القيام أو الامتناع عن أي عمل ولو أنه خارج عن اختصاصاته الشخصية إلا أن وظيفته سهلته أو كان من الممكن أن تسهله. 

2) إصدار قرار أو إبداء رأي لمصلحة شخص أو ضده ، وذلك بصفته حكما أو خبيرا عينته السلطة الإدارية أو القضائية أو اختاره الأطراف.

3) الانحياز لصالح أحد الأطراف أو ضده ، وذلك بصفته أحد رجال القضاء أو المحلفين أو أحد أعضاء هيئة المحكمة.

4) إعطاء شهادة كاذبة بوجود أو عدم وجود مرض أو عاهة أو حالة حمل أو تقديم بيانات كاذبة عن أصل مرض أو عاهة أو عن سبب وفاة وذلك بصفته طبيبا أو جراحا أو طبيب أسنان أو مولدة. إذا كان مبلغ الرشوة يفوق مائة ألف درهم تكون العقوبة السجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات والغرامة من خمسة آلاف درهم إلى مائة ألف درهم. وتنص المادة 249 من نفس القانون : (غير بالمادة الأولى من القانون رقم 03-79 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 129-04-1 بتاريخ 29 رجب 1425 (15 سبتمبر 2004) : ج. ر. بتاريخ فاتح شعبان 1425 (16 سبتمبر 2004)) : يعد مرتكبا لجريمة الرشوة ويعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة من خمسة آلاف إلى خمسين ألف درهم ؛ كل عامل أو مستخدم أو موكل بأجر أو بمقابل ، من أي نوع كان طلب أو قبل عرضا أو وعدا ، أو طلب أو تسلم هبة أو هدية أو عمولة أو خصما أو مكافأة ، مباشرة أو عن طريق وسيط ، دون موافقة مخدومة ودون علمه ، وذلك من أجل القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال خدمته أو عمل خارج عن اختصاصاته الشخصية ولكن خدمته سهلته أو كان من الممكن أن تسهله.

ومن خلال هذين المادتين فان جريمة المرتشي تقوم على العناصر التالية :

1)الاتصاف بصفة الموظف العمومي طبقا لمقتضيات المادة 224 من القانون الجنائي.
2)ركن مادي قوامه فعل الطلب أو القبول أو تسلم هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى مقابل العمل أو الامتناع.
3)ركن معنوي يتخذ دائما صورة القصد الجنائي.
2-عناصر قيام جريمة الراشي. تنص المادة 251 من القانون الجنائي على مايلي " من استعمل عنفا أو تهديدا ، أو قدم وعدا أو عرضا أو هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى لكي يحصل على القيام بعمل أو الامتناع عن عمل أو على مزية أو فائدة مما أشير إليه في الفصول 243 إلى 250 ، وكذلك من استجاب لطلب رشوة ولو بدون أي اقتراح من جانبه ، يعاقب بنفس العقوبات المقررة في تلك الفصول ، سواء أكان للإكراه أو للرشوة نتيجة أو لا." من خلال هذه المادة يتضح لنا أن جريمة الراشي مستقلة عن جريمة المرتشي بحيث يمكن عملا بالمادة المشار اليها اعلاه ادانة الراشي أو تبرئته باستقلال تام عن الموظف الذي قد يتابع ويدان بالارتشاء .

ذلك كما أشرنا في الأول بكون المشرع المغربي نظر الى جريمة المرتشي بكيفية مستقلة عن جريمة الراشي فما هي العتاصر التي يقوم عليها الركن المادي لجريمة الراشي الركن المادي

 -استعمال العنف أو التهديد :وهي حالة اكراه الموظف بغية دفعه الى مخالفات واجبات وظيفته ونحو ذلك اشهار السلاح في وجهه لارغامه على الفعل المخالف أو التهديد بخطف أحد أولاده أو اتلاف ماله الى غير ذلك من الحالات... ويقوم الركن المادي بهذا النوع من التهديد سواء كان للتهديد نتيجة أم لا

-تقديم وعد أو عرض : فيكفي لكي تقوم الجريمة في حق الراشي أن يقوم باغراء الموظف للاتجار بوظيفته. لذلك كان مجرد تقديم الوعد أو العرض كافيا بادانته بغض النظر عن قبول الموظف المختص بالعمل أو الامتناع للوعد او العرض أو رفضه له. ويشترط في العرض أن يكون جادا أي يهذف من وراءه الحصول على مصلحة معينة أما اذا كان هذف العارض كشف الموظف امام الشرطة فان الركن المادي لا يقوم وبالتالي لا يعتبر راشيا

-الاستجابة لطلب الرشوة : تقوم هذه الحالة على عكس الحالات السابقة من صور الركن المادي على تصرف سلبي من جانب المرتشي هو استجابته لطلب المرتشي فهو لم يعرض رشوة ولم يحاول اغراء الموظف بوعد او عهد ولكنه استجاب للموظف حينما طلب منه رشوة مختارا وعلى بينة من الأمر والشرط لفيام هذه الجريمة هو علم الراشي بطبيعة المقايل المطلوب منه اما اذا وقع في غلط كان يعتقد بان هذا المقابل هو ضريبة تتقاضاها المصلحة العامة وانه ملزم بدفعها فانه لا يعتبر مرتكبا لجريمة الراشي الركن المعنوي جريمة الراشي جريمة عمدية يلزم فيها توافر القصد الجنائي العام بعنصريه العلم والارادة.

علم باركان الجريمة وارادته الى الفعل المكون لها ونتيجته فيلزم ان يكون الجاني عالما بانه يتجه بفعله الى موظف عمومي أو مستخدم لكي يكرهه على القيام بالعمل أو يغريه للقيام به كما يلزم أن يتجه الجاني بارادته الى احداث الفعل المادي ونتيجته ولو لم يتحقق بالفعل. عقوبة جريمة الرشوة.
زجر المشرع الجنائي المغربي جريمة الرشوة إذا ما توافرت عناصرها بعقوبات أصلية و أخرى إضافية I)-العقوبات الأصلية للرشوة هذه العقوبات اما تكون جنحية او جنائية

أ)-العقوبات الجنحية : هي التي نصت عليها المادة 248 من القانون الجنائي التي تنص على انه " يعد مرتكبا لجريمة الرشوة ، ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس وبغرامة من ألفي درهم إلى خمسين ألف درهم ، من طلب أو قبل عرضا أو وعدا أو طلب أو تسلم هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى ..." من خلال نص المادة يتبين لنا أن المشرع عاقب الموظف العمومي المرتشي اذا تبثث في حقه جريمة الرشوة بعقوبة سالبة للحرية وهي الحبس من سنتين الى خمس ينوات كما فرض الى جانبها وبكيفية وجوبية غرامة مالية تتراوح بين الفي وخمسين ألف درهم ونفس هذه العقوبات تطبيق على الراشي طبقا لمقتضيات المادة 251 من القانون الجنائي.

ب)-العقوبات الجنائية : شدد المشرع عقوبة الرشوة ليجعل منها جناية وذلك في الحارت التالية : -الحالة المنصوص عليها في المادة 252 من القانون الجنائي والتي يكون الغرض فيها من الرشوة القيام بعمل يكون جناية في الواقع وهكذا تنص المادة على انه : " إذا كان الغرض من الرشوة أو استغلال النفوذ هو القيام بعمل يكون جناية في القانون ، فإن العقوبة المقررة لتلك الجناية تطبق على مرتكب الرشوة أو استغلال النفوذ " وكمثال على ذلك اتفاق عدل مع شخص آخر على تزوير محرر رسمي مقابل أن يأخذ هذا العدل رشوة فان المتفقان يعاقبان بعقوبة جنائية هي السجن المؤبد سواء ارتكبت جريمة التزوير أو محاولتها ولا يعاقبات بالعقوبة المنصوص عليها في الفصل 248 من القانون الجنائي لأن الرشوة وان كانت في الأصل جنحة الا ان الغرض منها هو ارتكاب جناية التزوير في محرر رسمي طبقا لمقتضيات المادة 352 من القانون الجنائي.

 -الحالة المنصوص عليها في الفصل 253 من القانون الجنائي وهي عندما تؤدي رشوة أحد رجال القضاء الى صدور حكم بعقوبة جناية ضد المتهم. تنص المادة على انه " إذا كانت رشوة أحد رجال القضاء أو الأعضاء المحلفين أو قضاة المحكمة قد أدت إلى صدور حكم بعقوبة جناية ضد متهم ، فإن هذه العقوبة تطبق على مرتكب جريمة الرشوة.

" والتشديد هنا يطال كل أطراف جريمة الرشوة (الراشي والمرتشي) على أن يكون الحكم بعقوبة جناية قد صدر فعلا ضد المتهم حتى وان كان هذا الحكم غير نهائي أي قابل للطعن.

II)-العقوبات الاضافية للرشوة تعرض المشرع لهذه العقوبات في المادتين 255 و256 ومن القانون الجنائي وهي

أ)-المصادرة : تنص المادة 255 من القانون الجنائي على انه :" : لا يجوز مطلقا أن ترد إلى الراشي, الأشياء التي قدمها ولا قيمتها بل يجب أن يحكم بمصادرتها وتمليكها لخزينة الدولة " والمصادرة لا تقتصر على المبلغ المالي الذي قدم كرشوة وانما تنصب على كل ما يكون الراشي قدمه فعلا كمقابل سواء كان عقارات أو مجوهرات أو أسهم.... على ان يتم ضبط هذا المقابل عند المرتشي وبالتالي فلا تشتمل المصادرة الأشياء التي يكون الراشي قد وعد بها فقط أو حتى المقابل الذي قدم فعلا كرشوة لكنه سرق أو فوت بأية طريقة أو دمر...

ب)-الحرمان من بعض الحقوق المنصوص عليها في المادة 40 من القانون الجنائي. تنص المادة 256 من القانون الجنائي على انه "ي الحالات التي تكون فيها العقوبة المقررة ، طبقا لأحد فصول هذا النوع عقوبة جنحية فقط ، يجوز أيضا أن يحكم على مرتكب الجريمة بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل 40 من خمس سنوات إلى عشر ، كما يجوز أن يحكم عليه بالحرمان من مزاولة الوظائف أو الخدمات العامة مدة لا تزيد عن عشر سنوات.

" وبالرجوع الى المادة 40 نجدها بدورها تحيلنا في تحديد هذه الحقوق على المادة 26 من القانون الجنائي التي تنص على أن " التجريد من الحقوق الوطنية يشمل :

1) عزل المحكوم عليه وطرده من جميع الوظائف العمومية وكل الخدمات والأعمال العمومية.

2) حرمان المحكوم عليه أن يكون ناخبا أو منتخبا وحرمانه بصفة عامة من سائر الحقوق الوطنية والسياسية ومن حق التحلي بأي وسام.

3) عدم الأهلية للقيام بمهمة عضو محلف أو خبير ، وعدم الأهلية لأداء الشهادة في أي رسم من الرسوم أو الشهادة أمام القضاء إلا على سبيل الإخبار فقط.

4) عدم أهلية المحكوم عليه لأن يكون وصيا أو مشرفا على غير أولاده.


5) الحرمان من حق حمل السلاح ومن الخدمة في الجيش والقيام بالتعليم أو إدارة مدرسة أو العمل في مؤسسة للتعليم كأستاذ أو مدرس أو مراقب. والتجريد من الحقوق الوطنية عندما يكون عقوبة أصلية ، يحكم به لزجر الجنايات السياسية ولمدة تتراوح بين سنتين وعشر سنوات ما لم تنص مقتضيات خاصة على خلاف ذلك.

مفهوم المرفق العام...



ان مفهوم المرفق العمومي الذي نعرفه حاليا لم يظهر بالشكل والمضمون الذي يوجد عليه الآن بل عرفتطورا ملحوظا وركزت عليه مدارس عدة وارتبطت به مفاهيم كثيرة من قبيل المصلحة العامة والسلطة العامة...وهوبذلك عبر تطوره أثر بشكل كبير على الكثير من المفاهيم القانونية خاصة تلك التي هي من صميم القانون الاداري على اعتبار أن القانون الاداري يستند الى فكرة المرفق العام بشكل ملحوظ بحيث اعتبر القانون الاداري قانون المرافق العمومية خاصة خلال الحقبة الأولى لظهور المرفق العام وبداية تبلور مفهوم جديد للسلطة وللمنفعة العامة خضع الانعكاسات تحول وظائف الدولة
. وان فقهاء القانون الاداري اعتمدوا عدة معايير لرصد مفهوم المرفق العام وكلها تحيل على بعضها البعض وعناصر كل معيار تظل حاضرة ومتواجدة في صلب المعايير الأخرى فالتداخل قائم و لا يمكن التعالي علية ونبدأ بالمعيار الأول

1/مدرسة السلطة العامة:

ان السلطة العامة يستمد اعتمادها كمعيار لأعمال التي تخضع للقانون الاداري حيث أصبح التمييز ضروريا بين العلاقات التي تتدخل فيها الادارة باعتبارها سلطة عامة فتصدر الأوامر والنواهي وتلك التي تظهر فيها كشخص عادي تقوم بمجموعة من الأعمال المالية فتبيع وتشتري وتؤجر... وغير ذلك من الأعمال التي تندرج ضمن الأعمال المادية أو التسييرية للادارة وتخضع فيها لقواعد القانون الخاص مثلها مثل الأفراد. وقد اعتمد هذا التمييز من قبل الكثير من الفقهاء خلال القرن 19 وعلى الخصوص الفقيه لافريير la ferriere وكذلك الشأن بالنسبة لبرتملي bertelemy ودكروك ducrok وباتي baty حيث كانوا يبنون القانون الاداري كله على أساس التمييز بين أعمال السلطة والأعمال المادية والتسييرية لذلك سميت مدرستهم بمدرسة السلطة العامة.

فقبل ذلك لم يكن من السهل تصور مسألة الدولة عن الأعمال التي تقوم بها باعتبارها سلطة عامة ومطالبتها بالتعويض عن الأضرار ذلك لتلافي عرقلة نشاطها في هذا النطاق والحيلولة دون انهاك مواردها المالية. وعلى اعتبار أن معيار السلطة العامة كان مسيطرا فان المرافق العمومية تعد مجرد أداة لادارة أنشطة الادارة ولم تكن كتابات هذه الحقبة تولي اهتماما كبيرا للمرفق العام على اعتبار أنها مجرد تنظيم للوسائل فمصطلح المرفق العام لم يظهر في نصوص هذه المرحلة بل حتى عندما ظهر لم يعره الفقه والقضاء أي اهتمام يذكر على الرغم من أن عدد المرافق العمومية كان مهما وان كان نشاط الدولة محددا انذاك في توفير الأمن الخارجي والداخلي والقضاء.

فكان أمرا طبيعيا كذلك أن يكون القانون العام المنسجم مع هذه المرافق مصطبغا بفكرة السيادة والسلطة العامة وأن يكون القانون القانون الاداري المتسم بصبغة الأمر والنهي مستندا الى فكرة السلطة العامة. وحتى نظرية السلطة العامة عرفت بعد التطور على اثر ظهور المرافق العامة الصناعية والتجارية وتغير موقف القضاء الاداري ازاء المرافق التقليدية فأصبحت لنظرية السلطة العامة صورة جديدة وان كانت غير مقطوعة الصلة بصورتها التقليدية على ان هذه الصورة التقليدية كانت تطلق يد السلطة الادارية في مباشرتها نشاطهاوفي استخدام وسائل السلطة العامة في اداء وظائفها.

كما لم يعد من المستطاع التمييز بين اعمال السيادة والسلطة واعمال الادارة والتسيير وبالتالي تحديد مجال اختصاص القانونين العام والخاص وكلا من القضاء الاداري والقضاء العادي فأصبح فقهاء مدرسة السلطة العامة يضعون بدورهم بعض التحفظاتفالأستاذ هوريو hauriou يرى أن ثمة قيود مفروضة على حقوق السلطة العامة ليست قيودا خاضعة لارادتها وحدها ولكنها قيود موضوعية أضحت معه هذه القيود نظاما مفروضا على السلطة العامة وهذا النظام المفروض هو نظام المرافق العامة.

2/مدرسة المرفق العام

  ان نظرية المرفق العمومي كان قد بلورها العميد ليون ديجي leon duguit في العديد من كتبه وستولى فقهاء اخرون دراستها باسهاب والعمل على تطويرها ومن أهمهم جيز G.jeze وبونار L.BONNARD ورولان Rolland ولقد اهتم دوجي بدراسة التحولات التي أصبحت ظاهرة على الدولة فتوصل الى ان الحكام لم يعودوا يجسدون السيادة بل هم مجرد مسيرين لشؤون الجماعة وملزمين بتوفير الوسائل المادية والتنظيمية لانجاز كل ما يهم حياة المجتمع في أحسن الظروف.

ولدلك فان الدولة بالنسبة اليه ليست سلطة تأمر وانما هي مجموعة المرافق العامة. وهكذا تصبح فكرة المرفق العام أساسا لتطبيق القانون الاداري بل انها تغدو الفكرة الأساسية في الانون العام. ويصبح نزاعا اداريا كل نزاع ينطوي على مسألة تتصل بنشاط المرافق العامة.

وكل ما تتمتع به الادارة من نظام قانوني خاص يحكم نشاطها انما يرجع الى ماتقوم عليه المرافق العامة فاذا كانت المسؤولية عن العمال المادية قد خضعت لنظام خاص فلأنها نتجت عن نشاط المرافق العامة واذا كانت العقود قد أصبحت عقودا ادراية تخالف في نظامها القانوني عقود القانون الخاص فلأن الادارة قد عقدتها لتسيير المرافق العامة واذا كانت الأموال العامة قد اعتبرت أموالا عامة فلأنها خصصت لخدمة المرافق العامة واذا كان عمال الادارة قد أصبحوا موظفين عاميين فلأنهم يخدمون المرفق العام ان القانون عند دوجي هي الأهداف التي تسعى لدولة الى تحقيقيها وليس على الوسائل التي تستعين بها.

ان الفكرة المنسجمة لفكرة المرفق العام تقوم على ثلاثة عناصر أساسية مرتبطة فيما بينها 

- سلطة عامة تتولى رقابة المرفق
 - نشاط يهذف لتحقيق المصلحة العامة.

- نظام قانوني خاص (القانون الاداري)

تعريف الضريبة وأنواعها…




تعد الضرائب أحد الموارد الهامة لتمويل الموازنة العامة للدولة ، ومظهر من مظاهر سيادتها، بعكس إيرادات الأملاك الخاصة وإيرادات القروض ، ففرض الضريبة كالحق فى إصدار العملة ، وإقامة العدالة ، وحفظ النظام ، وهى من الاختصاصات التى تنفرد بها الدولة، وينتج عن هذا من ناحية أن الضريبة تفرض بإرادة الدولة ، ومن ناحية ثانية أن الدولة تستعمل سلطاتها القاهره لتحصيلها ، ويتم دفع الضريبة غالباً دون أن تضطر الدولة إلى استعمال هذه السلطة .

ومن هذا المنطلق يمكن تعريف الضريبة بأنها " اقتطاع جبرى تجريه الدولة على موارد الوحدات الاقتصادية المختلفة بقصد تغطية الأعباء العامة ، وتوزيع هذه الأعباء بين الوحدات المذكورة طبقاً لمقدرتها التكليفية.

وعلى هذا يمكن التمييز بين الضريبة بطابعها الإجبارى وبين المدفوعات الاختيارية الأخرى التى ليست لها صفة الضريبة بمعناها الدقيق ، فهناك اقتطاع أخر قد يتم بطريقة جبرية لكنه ليس من الضرائب ، ويطلق عليه أشباه الضرائب ، لأنه قد يتم لشخص معنوى عام أو خاص غير الدولة ، ومثال على ذلك ما يقتطع من مرتبات المستخدمين أو يدفعها أصحاب العمل لتمويل التأمينات الاجتماعية ، فهذا اقتطاع لشخص عام ( هيئة التأمينات الاجتماعية ) متميز عن الدولة وعن مرافقها الإدارية البحتة بقصد هدف اجتماعى ( الضمان الاجتماعي ) ، وكذلك ما يدفع للجمعيات والنقابات .

وأكثر أنواع الضرائب العامة شيوعاً هى :ـ

 ـ ضريبة الأراضى :

وهى ضريبة تفرض على الأراضى وتحسب على قيمتها فقط لا على أساس قيمة ما عليها من مبان وممتلكات . ـ ضريبة الأرباح : وتأخذ عن الأرباح التى تدفع إلى حساب الشركة والمساهمين فيها .

 ـ ضريبة الرؤوس :

وتفرض على كل الموطنين بالتساوى ودون تمييز بين غنى وفقير . ـ ضريبة التركات : وتفرض عند انتقال رأس المال من المتوفى الى ورثته أو الموصى إليهم.

ـ الضريبة الجمركية :

وتفرض على السلع عند استيرادها وتصديرها ، وتخضع هذه الضريبة لسياسة الاستيراد والتصدير التى تتبعها الدولة .

 ـ الضريبة الشخصية :

وهى الضريبة التى لا تعتمد على حجم الثروة فقط ، بل تأخذ فى اعتبارها الظروف الشخصية والعائلية والمهنية لهذا الممول .

 ـ ضريبة الدخل :

وهى نسبة مئوية تقدرها الدولة وتأخذ من الدخل الشخصى أو رأس المال المستثمر كما تفرض هذه الضريبة على الشركات الأجنبية .

 ـ ضريبة العائد على رأس المال :

وهى ضريبة تفرض على الأرباح التى تنتج عن بيع الممتلكات .

 ـ الضريبة العينية :

وهى التى تعتمد على حجم ثروة الممول وحدها دون اعتبار لشخص الممول ولا مركزه ولا ظروفه الاجتماعية .

 ـ الضرائب غير المباشرة :

وهى أن تفرض الدولة الضريبة بطريقة غير مباشرة على استعمال الثروة

 ـ الدخل أو رأس المال ـ وليس على وجود الثروة . ـ ضريبة القيمة المضافة :

وهى ضريبة حكومية تفرض على مراحل إنتاج البضائع أو على الخدمات وتدفعها الشركات التى تتداول السلعة خلال تمويلها من مادة خام إلى مادة مصنعة وتحدد قيمة الضريبة بالقيمة التى تضيفها الشركة لتكلفة المواد الخام والخدمات.

ـ الضرائب المباشرة :

وهى التى تفرضها الدولة مباشرة على ذات الثروة ـ الدخل أو رأس المال وليس على وجود الثروة .

 ـ الضرائب المتعددة :

وهى أن تعتمد الدولة على أنواع متعددة ومختلفة من الضرائب التى يخضع لها الممولون

. ـ ضريبة المبيعات :

ضريبة تخصم عند بيع البضائع أو تقديم الخدمات وتحسب نسبة مئوية من سعر البيع .

ـ ضريبة الممتلكات

 : وهى ضريبة تؤخذ من مالكى المبانى والأراضي والممتلكات الأخرى الخاضعة للضريبة . ـ الضريبة الموحدة : وهى أن تقتصر الضريبة التى تدفع للدولة على ضريبة واحدة رئيسيه وإلى جوارها بعض الضرائب القليلة الأهمية أو على ضريبة واحدة ولا تفرض سواها.

والجدير بالذكر أن هذه الضرائب تختلف من دولة لأخرى ، فلكل دولة نظامها الضريبى، فقد تفرض الدولة هذه الضرائب أو بعضها أو تستخدم ضرائب أخرى لتمويل ميزانيتها       و الإنفاق على المجالات المختلفة ومنها التعليم. 

وفيما يلى يشير الباحث إلى بعض الدول المتقدمة مثل بريطانيا والولايات المتحدة واليابان كاتجاهات عالمية معاصرة تتميز بوجود نظام ضريبي وتعتمد عليه في  التمويل والإنفاق . ورغم وجود أخطاء فى نظام الضرائب إلا أنه ليس سهلاً إيجاد بدائل أخرى أو أى بديل أخر يمكن أن يكون قادراً بمفرده أو بالإتحاد مع نظم الضرائب الأخرى على إيتاحة حصيلة مماثلة لتلك التى تدفعها الضرائب المحلية ، وتدفع لكل سلطة محلية حصيلة كافية لتغطية الجزء الأكبر من إنفاقها ، و تمكن كل دافع ضرائب من أن يحدد مسئوليته القانونية على أساس معقول من اليقين و بطريقة تحظى بقبول عام .  


مشاركة مميزة

أساتذة القانون يطالبون بولوج مهنة المحاماة

أثارت مسودة مشروع مهنة المحاماة، التي أعدتها جمعية هيئات المحامين بالمغرب، نقاشا واسعا في صفوف أساتذة القانون بمختلف كليات الحقوق على الصع...

المشاركات الشائعة