‏إظهار الرسائل ذات التسميات الأبحاث والدراسات القانونية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الأبحاث والدراسات القانونية. إظهار كافة الرسائل

السبت، 5 مايو 2018

بحث حول الملكية العقارية المشاعة بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة



تمهيد:


مما لا شك فيه أن العامل العقاري أضحى اليوم يشكل عنصرا أساسيا في جلب الاستثمارات سواء الداخلية منها أو الخارجية؛كما أصبح يؤدي وظيفة اجتماعية واقتصادية تجعل منه القاعدة والركيزة الأساسية لكل نمو وازدهار. فتقدم أي دولة رهين بمدى تفعيل الإجراءات المصاحبة للإستثمارات المرتبطة بالتشريع وبتقوية البنيات  العقارية. ونظرا لتعدد هذه البنيات في المغرب،من أملاك الدولة الخاصة والعامة وأراضي الجيش وأراضي الجموع،وأملاك الخواص،فإنني سأقتصر في هذه المداخلة على مناقشة موضوع له علاقة بالملكية الخاصة،أي التي تعود ملكيتها للأفراد الطبيعيين والتي تكون مملوكة لأكثر من شخص،حيث يتعدد الملاك وتتزاحم حقوقهم على الشيء المشاع،فيملك كل واحد منهم نصيبا شائعا غير متعين ماديا في الشيء ولكنه يتعين معنويا. وفي هذا الصدد ينص الفصل 960 من قانون الالتزامات والعقود المغربي أن الشيوع لا يتحقق إلا:"إذا كان الشيء أو الحق لأشخاص متعددين بالإشتراك فيما بينهم وعلى سبيل الشياع فإنه تنشأ حالة قانونية تسمى الشياع أو شبه الشركة،وهي إما اختيارية أو قانونية".
والملكية الشائعة لا تخرج عن كونها صورة من الملكية الفردية،لأن كل واحد من الشركاء يملك حصة في الشيوع ملكية فردية،وينصب حقه مباشرة على هذه الحصة لا على العقار كله،ومن ثم يكون حق الشريك هو هذه الحصة الشائعة..فحق الملكية على المال الشائع هو الذي ينقسم حصصيا(quote-parts) مثل الثلث والربع والنصف،لكن الشيء ذاته موضوع الحق يبقى غير منقسم (Indivisé)حتى ولو كان بطبيعته قابلا للانقسام. وإذا كانت الملكية الشائعة تسري إلى كل أجزاء المال الشائع،فإن ذلك لا يسقط عن كل جزء كيانه الذاتي،فهذا الجزء وإن كان شائعا في الحال  إلا أنه متميز بالقسمة في المآل بموجب ما للقسمة من أثر كاشف،فتكون الحصص متميزة عن بعضها البعض في نظر المشرع المغرب منذ نشوء الشيوع([1]).
وتناول موضوع "الملكية العقارية المشاعة بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة وأثرهما على الاستثمار" ليس الهدف منه هو بيان الأحكام والفصول المنظمة له،وإنما بيان ما إذا كان هذا النوع من العقارات في المغرب مرحب به،واعتباره عنصرا فاعلا في النسيج الاقتصادي أو أنه من بيع المعوقات التي تزيد في تعطيل عملية الاستثمار؟أي هل  ينظر المشرع المغربي إلى الشيوع بعين الترحاب،وبالتالي يعتبره عنصرا أساسيا مساهما في عملية الاستثمار وفي التنمية العقارية من أجل تحقيق المصلحة العامة،فنظمه واهتم به؟ أم أن الشيوع حالة استثنائية غير مرحب وبالتالي أهمله ولم يعره اهتمام كبير؟
للإجابة على هذه التساؤلات يستلزم مني أن أقرأ في الأحكام والفصول  المنظمة لحقوق الشركاء في الشياع؛هذه الحقوق التي تتجلى بوضوح في إجراء أعمال الإدارة (المحور الأول)ثم أعمال الصرف(المحور الثاني).
المحور الأول: إدارة العقار المشاع بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة.
بداية لابد من اعطاء مفهوم لأعمال الإدارة (أولا) ثم الحديث عن النصاب القانوني لتقرير هذه الأعمال؟(ثانيا)والذي لا يساعد على تنمية العقار واستثماره(ثالثا).
أولا: مفهوم الإدارة .
            يفيد لفظ الادارة في المصطلح القانوني كل الأفعال والتصرفات التي تهدف الى الانتفاع بالعقار واستثماره ؛ وبعبارة أخرى هي الأعمال التي لا  تنطوي على تغيير أساسي أو تعديل  في الغرض الذي أعد له،مثل كراء الدار المشتركة وقبض أجرتها وصيانتها ودفع الضرائب المستحقة عنها،وكذلك كراء الأرض أو زراعتها وشراء ما يلزمها من سماد وبذور وجمع محصولها وبيعه  بالسعر الجاري في السوق،وكل عمل من أعمال التصرف تقتضيه الإدارة كبيع المحصول والثمار التي يتسرع  إليها التلف ،وحفظ العقار وقسمته قسمة مكانية أو زمانية.([2]) وقد فرق المشرع المصري بخصوص أعمال الإدارة إلى إدارة  معتادة وإدارة غير معتادة: فالإدارة المعتادة هي كل الأعمال التي لا تقتضي تغييرا أساسيا في المال أو تعديلا في الغرض الذي أُعِدَّ له، كزراعة الأرض المشاعة واستئجار العمال والمواشي والآلات لزراعتها. وقد ورد النص على حكمها في المادة 783 من القانون المدني المصري([3]). أما الإدارة غير المعتادة فهي التي من شأنها إدخال تغييرات جوهرية في الغرض الذي أُعِدَّ له المال الشائع، أو في ذات الشيء.
ويعتبر تعديلا في الغرض الذي أعد له المال الشائع: أن يكون المال أرضا زراعية فيتفق الشركاء على تحويلها من أرض للمحصولات العادية كالقطن والقمح والخضروات إلى أرض لزراعة الفواكه أو الزهور  والنخيل.  وكذا بناء منزل لجعله أصلح للاستغلال، أو تحويله من منزل معد للسكنى إلى فندق أو إلى شقق مفروشة بقصد كرائها، أو تحويل مقهى إلى مطعم([4]).
أما التعديل في ذات الشيء فيكون مثلا بالنسبة إلى دار مقسمة إلى شقق للسكنى فيتفق الشركاء على إجراء تعديل في المباني لتأجير غرف منها منفصلة بدلا من الشقق، أو تحويل الطابق السفلي من شقة سكنية إلى محلات تجارية يجعل أبوابها على الطريق العام، أو تحويل أرض زراعية إلى تجزئة سكنية([5]). ويرجع الأمر في تقدير هذه الأعمال هل هي من قبيل الإدارة المعتادة أو غير معتادة إلى سلطة قاضي الموضوع([6]).
أما التقنين المغربي فلا يوجد عنده هذا التمييز،بل إن المشرع المغربي أنزل بعض التصرفات رغم كونها في الواقع من قبيل أعمال الإدارة منزلة أعمال التصرف ،واشترط لذلك إجماع كافة الشركاء حسب افصل :972 من ق.ل.ع.م الذي جاء فيه أن :"قرارات الأغلبية لا تلزم الأقلية:
   أ:فيما يتعلق بأعمال التصرف ،وحتى أعمال الإدارة التي تمس الملكية مباشرة ،كعقد الكراء لمدة طويلة تفوق ثمانية عشرة سنة ولا يتجاوز تسعة وتسعون سنة حسب ما هو مصرح به في الفصل 87 من ظهير 19 رجب 1333.([7])
   ب:فيما يتعلق بإجراء تغيير في الاشتراك ،كرفع مدة البقاء في الشيوع عن سابقتها المتفق عليها.
   ج:أو إجراء تغيير في الشيء المشترك ،كتحويل أرض الزراعة الى مرعى أو منزلا إلى مخزن .
   د:في حالات التعاقد على إنشاء التزامات جديدة ،كإعطاء الغير حق الصيد أو حق الإحتطاب من غابة المشتركة أو حق المرور فيها ".
ثانيا:: النصاب اللازم لتقرير أعمال الإدارة.
    لقد نص المشرع المغربي على أغلبية خاصة يمكن لها مباشرة أعمال الادارة ،بأن تكون هذه الأغلبية مالكة على الأقل ثلاثة أرباع المال المشاع،وحينئذ يمضي رأيهم على باقي الشركاء حتى ولو عارضوا في ذلك الرأي الذي يتعلق بإدارة المال المشاع. فإن لم يتفق أغلبية المالكين على رأي معين أو كانت هذه الأغلبية لا تملك ثلاثة أرباع المال الشائع، تعين حينئذ اللجوء إلى القضاء الذي يقرر ما يراه في مصلحة الشركاء كأن يعين مديرا يعهد إليه بإدارة المال المشاع، أو يكريه لمن يستغله ويوزع كراءه على الشركاء أو يحكم بقسمته قسمة استغلالية أو بتية([8]).وهذا ما نص عليه 971 من ق.ل.ع من أن: «قرارات أغلبية المالكين على الشاع ملزمة للأقلية، فيما يتعلق بإدارة المشاع والانتفاع به، بشرط أن يكون لمالك الأغلبية ثلاثة أرباع هذا المال.فإذا لم تصل الأغلبية إلى الثلاثة أرباع، حق للمالكين أن يلجأوا للقاضي، ويقرر هذا ما يراه أوفق لمصالحهم جميعا. ويمكنه أن يعين مديرا يتولى إدارة المال المشاع أو أن يأمر بقسمته».
      فللأغلبية أن تقوم بإبرام عمل من أعمال الإدارة ككراء الدار المشتركة، أو كراء حمام مشترك  للغير أو تخصيص أرض مشاعة لزراعة نوع معين من الزراعة لأنه أكثر فائدة وملاءمة مع طبيعة الأرض. فرأي الأغلبية ملزم للأقلية ويعمل بهذا الرأي([9]). وللأغلبية أن تعين مديرا أو وكيلا عنها من الشركاء أو من غيرهم، ولها أن تضع نظاما للإدارة والانتفاع به، ولها أن تعدل فيه بعض البنود([10]). وهذا النظام كما يسري على الأقلية يسري على خلفاء الشركاء سواء كان الخلق عاما أو خاصا. فإذا لم تقم الأغلبية باختيار مدير وتولى أحد الشركاء الإدارة دون اعتراض منهم عد وكيلا عنهم([11]) والمشرع المغربي أخذ بالوكالة الضمنية اقتداء بنظيره الفرنسي([12]). وهذا ما أكده المجلس الأعلى في أحد قراراته بأن أيد الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بمكناس بتاريخ 08-11-1985 بالاستجابة لطلب تقدم به السيد  العربي الفيلالي باسمه ونيابة عن أخته فاطمة التي لم توكله إلا بعد تاريخ إشعار السيدة من أوراق الملف أنه كان يملك أكثر من النصف مع أخته في المحل المؤجر وأخته لا تنازعه في طلبه. كما جاء في حيثيات هذا القرار قوله : لكن حيث أن إبرام عقد الإيجار وإنهائه هو من أعمال التسيير وإدارة المال المشاع يخضع لأحكام الفصل 971 من ق.ل.ع وأن المطلوب في النقض ما دام مالكا لحصة مشاعة في المحل المؤجر، يعتبر متوفرا على الصلاحية والحق في إنهاء عقد الكراء والمطالبة باسترجاع المحل المؤجر ليس به مادام شريكه على الشياع لا ينازعه في ذلك تكون المحكمة قد عللت قرارها تعليلا سليما وبنته على أساس قانوني([13]).
            وإذا كان الكراء من قبيل أعمال الإدارة التي يكفي أن يقوم بها أغلبية المالكين لثلاثة أرباع العقار الشائع، إلا أن هذا الكراء لا يسري في حق الأقلية إذا كان طويل الأمد كعشرين سنة([14]) إذ ينزل في هذه الحالة منزلة التصرف، أو العقد المفوت للحق([15]) حسب ما ورد في الفقرة الأولى من الفصل 966 من ق.ل.ع التي تقتضي بأن : «قرارات الأغلبية لا تلزم الأصلية: 1. فيما يتعلق بأعمال التصرف وحتى أعمال الإدارة التي تمس الملكية مباشرة».
    ثالثا:ضرورة التخفيض من شرط الأغلبية.
    إن احتساب الأغلبية في التقنين المغربي على أساس قيمة الأنصباء فقط، أمر منتقد،إذ هذا المبدأ يعتبر في الغالب مصدرا لكل المساوئ والمعوقات التي تحيط بالشيوع لدرجة قد تصيب العقار المشاع بالشلل التام حتى لا يكاد يقوى على أداء مهمته،بل ويقضي على كيانه في النهاية بقسمة الإفراز.إذ استقلال كل شريك لأجراء أي عمل من أعمال الإدارة أمر صعب تحقيقه في الغالب الأعم من الحالات  نظرا لتعارض أهدافهم الخاصة وصعوبة أن لم تكن استحالة تحقيق رغباتهم جميعا في آن واحد؛واختلاف وجهات نظرهم في كثير من الأحيان بالإضافة إلى أنه في الغالب تكون بينهم حزازات ومشاحنات تحول دون اتفاقهم حول هذه إدارة المال-العقار-الشائع([16]).وفي هذا الإطار يكفي اعتراض أحد الشركاء على قرار يتخذه بقية شركاء بخصوص الإدارة ليقوضه من أساسه ويعطل استغلاله باعتباره يملك لوحده ثلاثة أرباع العقار المشاع،فتكون في هذه الحالة الأغلبية متعسفة في استعمال حقها، مهددة لمصالح الأقلية ودونما اكتراث لرأي باقي الشركاء، وقد يكون رأيهم هو الصائب باعتباره رأي الجماعة على الرغم من ضعف حصصهم في العقار المشاع.ولعل ذلك قد يؤدي إلى دفعهم للمطالبة بالقسمة استنادا إلى فكرة التعسف في استعمال الحق([17]).
المحور الثاني:حق الشريك في التصرف في حصته المشاعة بين التقديس ومتطلبات التنمية.
  إن اطلاق المشرع المغربي الحرية للشريك في التصرف في حصته الشائعة بأي تصرف شاء من شأنه أن يساعد على تنمية العقار المشاع واستثماره(أولا)لكن إتاحة الحق لشركاء المتصرف للممارسة حقهم في استعمال الشفعة وحق الأفضلية وكذا الصفقة قد يحد من الهدف المنشود وهو إدخال العقار المشاع حلبة التنمية(ثانيا).
أولا:حق الشريك في التصرف في حصته المشاعة.
لقد أتاح المشرع المغربي للشريك المشتاع الحق في التصرف في حصته المشاعة بجميع أنواع التصرفات،سواء انصب التصرف على رقبة العقار أو على غلته،وسواء انصب على نقل حق الملكية أو تقرير حق عيني.وهذا ما نص عليه الفصل 973 من ق.ل.ع.من أن:"لكل مالك على الشياع حصة شائعة في ملكية الشيء المشاع وفي غلته،وله أن يبيع هذه الحصة وأن يتنازل عنها وأن يرهنها،وأن يحل غيره محله في الانتفاع بها وأن يتصرف فيها بأي وجه آخر،سواء كان تصرفه بمقابل أم تبرعا…". وبناء على هذا الفصل فإن حق الشريك في التصرف في حصته حق مقرر باعتباره مالكا،وحق التصرف هو أبرز ما يميز حق الملكية. فله أن يتصرف في حصته بمقابل نقدي أو عيني، وله أن يتصرف في الحصة كلها أو في جزء منها، ولا يتقيد في تصرفه هذا إلا بعدم الإضرار بالشركاء الآخرين([19]).  
فإذا تصرف أحد الشركاء في حدود حصته فإن هذا التصرف يقع ونافذا في حق باقي شركائه مادام أنه لم يتصرف ي الزائد عن حصته ولم يقع منه تعد على حقوق شركائه. ويستثنى من حق الشريك في التصرف في حصته ألا يرتب عليها حقا عينيا مثل الارتفاق،لأن فيه مساس بحقوق شركائه،ولأن حق الارتفاق لا يقبل التجزئة؛أو أن يكون الحق المشتاع متعلقا بشخصه مثل حق السكنى أو الاستعمال،ذلك أن هذين الحقان لا يقبلان التفويت للغير،لأن صاحب حق الاستعمال أو السكنى هو محتاج للانتفاع بحقه وبصورة مباشرة([20]).وهذا ما يؤكده الفصل 973 من ق.ل.ع.في تتمته بقوله:"..وذلك كله ما لم يكن الحق متعلقا بشخصه فقط". وهكذا، لئن كان التقنين المغربي قد أعطى للشريك الحق في التصرف في حصته بالبيع، إلا أن هذا البيع يبقى معلقا على شرط واقف، أي لا يكون نافذا إلا إذا أجازه جميع شركائه، ولا ينفعه في ذلك موافقة الأغلبية المالكية لثلاثة أرباع العقار المشاع إذ ليس باستطاعتهم إلزام الأقلية بقراراتهم فيما يتعلق بأعمال التصرف. وهذا ما نص عليه الفصل 972 من ق.ل.ع من أن : «قرارات الأغلبية لا تلزم الأقلية فيما يتعلق بأعمال التصرف»([21]).   
ويلاحظ التعارض بين ظاهر نص الفصل 972 من ق.ل.ع السالف الذكر والفصل 987 من نفس القانون، الذي نص على أنه : «لا يجبر أحد على البقاء في الشيوع».
وللخروج من هذا الإشكال فقد خول المشرع  المغربي للشركاء المعترضين على بيع شريكهم في العقار المشاع أن يأخذوا العقد لصالحهم، ويكون لهم حق الأولوية على غيرهم بمقتضى نص الفصل 115 من ق.ل.ع الذي جاء فيه «…إنما يجوز لهم أن يأخذوا العقد كله لحسابهم الشخصي». وفي اعتقادي أن الفصل 115 من ق.ل.ع لا محل له في هذا المقام، مادام أن حق الشركاء المعترضين على بيع شريكهم مكفول بمقتضى استعمال حق الشفعة المنصوص عليه في الفصل 974 من ق.ل.ع الذي جاء فيه: «إذا باع أحد المالكين على الشياع لأجنبي حصته الشائعة جاز لباقيهم أن يشفعوا هذه الحصة لأنفسهم…» وبالتالي صحة بيع الحصة المشاعة.
إلا أن عقد بيع حصة مشاعة للغير من عقار محفظ لا يتم ولا يكون نافذا وناقلا للحصة  المبيعة إلا بتسجيل هذا البيع في الرسم العقاري حسب ما نص عليه الفصل 66 من ظهير 12 غشت 1913 المطبق على العقارات المحفظة. إذ نص على أن «كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتسجيله، وابتداء من يوم التسجيل في الرسم العقاري من طرف المحافظ على الأملاك العقارية…» وبهذا قضى المجلس الأعلى في عقار محفظ، مما جاء فيه أنه «بناءعلى الفصل 67 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ فإن جميع الأفعال الإرادية والاتفاقات التعاقدية الرامية إلى تأسيس حق عيني أو نقله إلى الغير لا تنتج أي أثر ولو بين الأطراف إلا  من تاريخ التسجيل على الرسم العقاري.
إذا كان للمشتري قبل تسجيل عقد الشراء على الرسم العقاري حق إلزام البائع في أن يمكنه من الشيء المبيع وصدر الحكم لصالحه يقضي بصحة البيع وتسجيله على الرسم العقاري فإنه إلى أن يسجل الشراء أو الحكم القاضي بصحته على الرسم العقاري، لا يجوز له أن يضع يده على العقار كمالك»([22]).
وإذا كان المشرع المغربي قد منح للشريك أن يتصرف في حصته بأي نوع من أنواع التصرفات سواء كانت عوضية أو تبرعية دون أن يتوقف ذلك على موافقة باقي شركائه،الذين لا يملكون الحق في الاعتراض على التصرف في حصته،فإن منحه هذا الحق يفسر على أن المشرع المغربي يسير نحو النهج الليبرالي الذي يقوم على تقديس الملكية الفردية متأثرا في ذلك بالفلسفة الليبرالية التي سادت أوروبا إبان القرن السادس عشر،والتي كانت تقوم على الملكية الخاصة.وما يؤكد هذا أن الاعلان العالمي لحقوق الانسان نص في مادته السابعة عشر على أن الملكية حق مقدس لا يجوز انتهاك حرماته أو المساس به.وهو ما تضمنته مدونة نابوليون الصادرة سنة 1804،بعد أن أضحت الملكية الفردية مطلقة ومقدسة تسهر الدساتير والقوانين على ضمانها وحمايتها من أي اعتداء. وقد تأثر الفكر القانوني المغربي بهذا النهج الذي ساد في  أوروبا إلى حدود القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين،حيث أحاط الملكية الخاصة  عند وضع الأحكام المتعلقة بها بهالة من التقديس،ويتضح ذلك جليا من خلال النصوص القانونية التي تتعلق بها([23])،فالفصل التاسع من ظهير 2 يونيو 1915 ينص على أن:"الملكية العقارية هي حق التمتع والتصرف في عقار بطبيعته أو بالتخصيص على أن لا يستعمل هذا الحق استعمالا تمنعه القوانين أو الأنظمة". كما تكفل المشرع المغربي بحماية حق الشريك في التصرف في حصته بكل حرية دون أن يعارض في ذلك من قبل أحد،وهذا ما يستفاد من الفقرة الأولى من الفصل العاشر من ظهير 2 يونيو 1915،الذي جاء فيه أنه :"لا يجبر أحد على التخلي عن ملكه إلا لأجل المصلحة العامة،ووفق القوانين الجاري بها العمل في نزع الملكية".
فالمغرب وهو يعتنق النهج الليبرالي عمل من خلال قوانينه على تدعيم حقوق الفرد والمصلحة الخاصة،وكانت أهم مؤسسة كرس فيها هذا النهج هي الملكية الخاصة.
وإذا كان المشرع المغربي قد منح للشريك المشتاع التصرف في حصته بكل حرية من غير أن يلحق ضررا بشركائه،ففي مقابل ذلك قد منحهم الحق في ممارسة حق الشفعة بانتزاع ما تصرف فيه بعوض من يد المتصرف إليه،علما على أن هذا الحق لا يتعارض مع مبدأ تقديس الملكية،بل يعمل على تدعيمه وتكريسه.
وما تجب الإشارة إليه هنا أن تقديس الملكية من خلال تدعيم حقوق المالك في التصرف في حصته الشائعة لا يتعارض مع المصلحة العامة؛لأن هذه الأخيرة تقتضي تنشيط استثمار العقار الشائعة،وهذا ما يحققه توسيع سلطات الشريك المشتاع في التصرف في حصته الشائعة.وهو ما يسمح بدخول العقار حلبة التنمية عن طريق تدعيم استثماره وتنشيط استغلاله؛وبالتالي فإن تقديس الملكية في هذه الحالة مسألة إيجابية لا تتعارض مع متطلبات المصلحة العامة،بل هي على العكس من ذلك تساعد على تحقيقها. فحينما يطبق مبدأ تقديس الملكية بشكل مواز لمتطلبات التنمية فليس هناك ما يمنع من تأييده وتدعيمه؛ومتى كان تقديس الملكية مناقضا للمصلحة العامة كما هو الحال بالنسبة للأخذ بنظامي الشفعة والصفقة كان من الأحسن التخلي عنه([24]).
ثانيا: ممارسة كل من حق الشفعة والأفضلية والصفقة يكرس المصلحة الخاصة على المصلحة العامة.
إن أهم ما تتجلى فيه بوضوح المصلحة الخاصة على المصلحة العامة هو إقرار المشرع المغربي الحق للشركاء الحق في ممارسة الشفعة(أ) أو حق الأفضلية في إطار الملكية المشتركة(ب)وكذا بيع العقار المشاع على أصحابه صفقة(ج).
            أ:الشفعة كقيد وارد على تصرف الشريك في حصته.
يعرف الشيخ محمد ابن عرفة الشفعة بقوله هي:"ثبوت ملك الشفيع لشقص شائع من كل من ربع،واشتراء غيره شقصا آخر منه"([25]). وفي المادة 25 من ظهير 2 يونيو 1915 أن الشفعة هي:"الحق الثابت لكل من يملك مع آخرين على الشياع عقارات أو حقوقا عينية عقارية في أن يأخذ الحصة المبيعة من مشتريها بعد أدائه المبلغ المؤدى في شرائها وكذا مبلغ ما أخذ عليها من تحسينات وما أدى عنها من مصاريف لازمة للعقد".
  فمن خلال هذين التعريفين يتضح أن مفهوم الشفعة يفيد أن لكل شريك مشتاع الحق في أن ينتزع لنفسه الحصة التي تصرف فيها شريكه بالمعاوضة إذا كان العقار غير محفظ.أما إذا كان محفظا فإن الشفعة لا تجوز إلا إذا تعلق الأمر ببيع حصة مشاعة،وهذا ما نص عليه الفصل 974 من ق.ل.ع.إذ ورد فيه أنه:"إذا باع أحد المالكين على الشياع لأجنبي حصته الشائعة،جاز لباقيهم أن يشفعوا هذه الحصة لأنفسهم في مقابل أن يدفعوا للمشتري الثمن ومصروفات العقد والمصروفات الضرورية  والنفعة التي أنفقها منذ البيع،…." هذا بالنسبة للبيع أما المقايضة على الحصة المشاعة فلا تمنح للشريك حق الشفعة،باعتبارها  حقا استثنائيا يجب تفسير النصوص المتعلقة به تفسيرا ضيقا.على أن المقايضة إذا تضمنت إلزام مكتسب الحصة الشائعة بدفع معدل من الأهمية بحيث يشكل هذا المعدل المحل الأصلي لالزام المقايض فإن مثل هذه المقايضة يجب اعتبارها بمثابة بيع وموجبة بالتالي للأخذ بالشفعة([26]).
وإذا كانت الشفعة تحقق منافع بالنسبة لشريك البائع حيث يدفع بها الشريك الأجنبي الدخيل عليه،فإنها مع ذلك ينجم عن ممارستها آثار سلبية تنعكس على استثمار العقار الشائع وتحول دون مساهمته في التنمية الاقتصادية والاجتماعية،علما على أن العقار أضحى اليوم عنصرا استراتيجيا في تحقيق التنمية وجلب الاستثمارات سواء الداخلية منها أو الخارجية.ذلك أن ممارسة الشفعة فيه حد من حرية التعاقد من جهة ،وتقييدا لحق الملكية من جهة أخرى.
     1:-فمن حيث كونه يحد من حرية التعاقد،أنه يترتب عن ممارسة حق الشفعة أن يحل شخص آخر محل الشخص الذي قصده الشريك المشتاع التعاقد معه من أجل نقل حق عيني إليه يتعلق بحصته الشائعة،فيفاجأ بأن حصته انتقلت إلى شخص آخر غير الذي انصرفت إليه نيته.والتي قد تكون هناك دوافع وراء نقل حصته إليه مثل شخصية المتصرف إليه كوجود علاقة قرابة تربطه به أو تكون هناك تبعات اقتصادية كوجود أسباب جدية في قبول  هذا المتصرف إليه في الدخول على الشياع لكون موقع العقار وطبيعته  مؤهل لاستثماره واستغلاله بشكل جيد. وقد يحصل أن يكون البائع قد عامل المشتري معاملة خاصة من حيث الثمن لتلك الاعتبارات،فيستفيد الشفيع من هذه المعاملة رغم عدم وجود نفس الاعتبارات بالنسبة إليه. فهذا أذن يشكل حدا من حرية التعاقد من شأنه المساهمة في عرقلة استثمار العقار الشائع،لأن الشيوع في الشيوع قد يتردد  في بيع حصته،إذا رأى أن هذه الحصة ستعود إلى شخص آخر لا يرغب فيه.
ب:-أما من حيث كونه تقييدا لحق الملكية،فإن ممارسة حق الشفعة يؤدي إلى تخلي المشتري عن الحصة التي آلت إليه بطريق الشراء جبرا عنه وبدون رضاه،بعد أن كان قد اكتسب ملكيتها بمقتضى عقد صحيح ونافذ،فنكون في هذه الحالة بصدد نزع جبري للملكية الخلاصة من أجل مصلحة خاصة لا مصلحة عامة؛وهذا ما يتعارض وصريح الفصل العاشر من ظهير 2 يونيو 1915 الذي صرح بأنه:"لا يجبر أحد على التخلي عن ملكه إلا لأجل المصلحة العامة،ووفق القوانين الجاري بها العمل في نزع الملكية". وقد يستفحل الأمر ويشكل عندما يكون المشفوع منه قد تصرف في العقار المشفوع بالبيع أو البناء أو الغرس،حيث تكون  حقوقه عرضة للضياع،لأن الشفيع لا يلزمه إلا أن يدفع للمشفوع منه إلا ثمن الحصة المبيعة ومصروفات العقد،أما المصروفات الأخرى مثل مصروفات الزينة والتحسينات فلا يتحمل نفقاتها. فممارسة حق الشفعة إذن يشكل تقييدا لحق المالك من شأنه أن يؤثر بشكل كبير على استثمار العقار المشاع.لأن الناس كثيرا ما يتهربون ولا يتشجعون على شراء حصة مشاعة،مادام أن حقهم يكون مهددا بالانتزاع منهم في كل لحظة قد يستعمل فيها شريك البائع حقه في الشفعة؛فتتجرد التصرفات المنصبة على الحصة المشاعة من مصداقيتها وقيمتها القانونية مما يعرض المعاملات بشأنها إلى عدم الاستقرار،وهو ما يؤثر سلبا على المصلحة العامة التي تقتضي ادخال العقار المشاع حلبة التنمية بالتشجيع على استثماره وفك القيود عنه([27]).
ب:-حق الأفضلية كقيد وارد على حق المالك .
إذا قام المالك المشارك بتفويت شقته عن طريق البيع للغير الأجنبي عن الشركاء، فإن هذا الحق مقيد بالحق المخول لباقي الشركاء في الحلول محل المشتري للأخذ بالشفعة طبق شروط معينة ورد النص عليها في الفصل 27 من ظهير 1946، كما وقع تعديله بظهير : 10يوليو 1955،حيث جاء فيه:«إذا وقع بيع  أو صفقة لفائدة شخص  ليس من نقابة الشركاء في الملك  وكان هذا البيع أو الصفقة إما اختياريا، وإما بأمر من العدلية، فعلى الفريق المستعجل أن يعلم برسم التفويت النقابة بواسطة كتاب مضمون البريد مع الإعلام بوصوله، وعلى النقابة أن تخبر الشركاء في الملكية في اقرب وقت مستطاع»([28]). وبإمكان جميع الشركاء أو البعض منهم، أو واحد فقط أن يحل محل المشتري، وذلك بعد أن يكون قد قام بالشرطين التاليين في ظرف أجل ستين يوما كاملة تبتدئ من تاريخ الإعلام المنصوص عليه في الفقرة السابقة:
أولا : أن يكون قد وجه رسالة مضمونة الوصول مع الإعلام بتسليمها يعلم فيها الفريق الذي أخبره بالبيع أو الصفقة بأنه قرر استعمال حق الأفضلية في الشفعة.
ثانيا : أن يكون قد أودع مبلغ ثمن البيع أو الصفقة مزادة عليه الصوائر القانونية. وإن أراد عدة شركاء في الملكية أن يستعملوا في آن واحد حق الأفضلية، في الشفعة، إما كل واحد على حدة، وإما بانضمام بعضهم إلى بعض، فتقع عندئذ قرعة بمحضر موثق عدلي ليفصل بينهم .ولإجراء هذه القرعة يخصص رقم لكل واحد من الشركاء في الملكية ؛ثم يخصص كذلك  رقم لكل جماعة من الشركاء في الملكية إن كانت هناك جماعات.
وإذا وقع البيع على يد القضاء فإن حق الأفضلية المعترف به آنفا للشركاء في الملكية لا يعارض به إحدى شركات القرض العقاري، أو إحدى منظمات القرض المسيرة تحت مراقبة الدولة، وذلك إذا رسا المزاد على  هاته الشركة أو هاته المنظمة، وكان ثمن المزاد لا يبلغ قدرا يعادل قدر الدين الذي للشركة أو  المنظمة بما فيه من القدر المذكور والفوائد وقدر الصوائر وما أضيف إليها([29]).
ويتقادم حق الأفضلية في جميع الأحوال بانتهاء أجل سنة كاملة تبتدئ من تاريخ تقييد البيع في الرسم العقاري. وبذلك يشترك حق الأفضلية مع حق الشفعة في أن كليهما يهدفان إلى منع شخص أجنبي من تملك إحدى المحلات في العقار، وبالتالي وضع حد لتزايد الشركاء وتكاثرهم، إلا أن حق  الأفضلية  يختلف عن  الشفعة من حيث الأشخاص الذين يمارس بحقهم إذ نجد أن حق الأفضلية الوارد في ظهير 1946 لا يستعمل إلا إذا كان البيع واقعا لمصلحة شخص أجنبي عن الشركاء، أما إذا تم البيع لأحدهم فإن الأفضلية تكون له بحكم القانون، أما حق الشفعة طبقا للقواعد العامة فيمارس بحق كل شخص سواء كان شريكا أو غير شريك. وإذا تزاحم عدد من ملاكي الشقق فإن الظهير يعتبرهم متساويين في هذا الحق، وتجري القرعة بينهم بواسطة موثق رسمي. إلا أنه في هذه الحالة الأخيرة كان من الأفضل الأخذ بمعيار الجوار وتفضيل حق صاحب الشقة المجاورة والمحملة بحق ارتفاق لصالح الشقة المبيعة([30]). وكما يشترط الفصل27 من ظهير 1946 بأن يكون البيع صادرا لشخص ليس عضوا في نقابة الملاكين، فإنه يشترط كذلك بأن يكون البيع شاملا للشقة كلها وليس قاصرا على حصة  شائعة فيها.
وحق الأفضلية يجب أن يمارس قبل إتمام عقد البيع وانتقال الملكية إلى المشتري، وذلك بتسجيل البيع في السجل العقاري في ظرف ستين يوما كاملة تبتدئ من تاريخ إعلام الطرف  المستعجل نقابة الشركاء بعقد البيع، بواسطة رسالة مضمونة الوصول مع الإشعار بالتوصل([31]). ويثبت للشركاء الذين يملكون حق الأفضلية حق استرجاع المحل المبيع في أجل سنة ابتداء من تاريخ تسجيل البيع في السجل العقاري وذلك حماية لحقوق الذين لم يشعروا بالبيع قبل تسجيله بطريقة قانونية إذ لا يكفي مجرد علمهم بوقوع البيع. وإذا كان يحق لهم أخذ انتزاع الشقة التي باعها أحد الملاك في اطار الملكية المشتركة من يد مشتريها،فإن السؤال الذي يطرح نفسه  هو ما الهدف من إقرار هذا الحق؟ كما أتساءل عن السبب من الابقار عليه في قانون 18.00؟
إن القول بأن حق الأفضلية –كما هو الأمر بالنسبة لحق الشفعة-يرمي إلى الحفاظ على التفاهم وظروف الإنسجام بين الملاك المشاركين،فإن هذا ليس  مبررا لاقراره في العمارات المشتركة ذات الطوابق المتعددة والتي تضم عشرات المحلات العائدة لملاك مشاركين يجهل بعضهم البعض،حتى أنهم لا  يلتقون في كثير من الأحيان؛بل إنه بالنسبة للعقارات المشتركة الصغرى،التي تضم بعض المحلات العائدة لملاك مشاركين قليلي العدد،فإن وضع نظام للملكية المشتركة،من شأنه تنظيم علاقات جوار هؤلاء الملاك تنظيما يظم حسن الانتفاع والتدبير المشترك للعقار؛حتى في حالة شراء أحد المحلات من طرف شخص أجنبي عنهم. ثم إن القول بأن حق الأفضلية-كما هو الأمر بالنسبة للشفعة-يؤدي إلى تقليص عدد الملاك المشاركين؛حيث تمكن ممارسة هذا الحق كل مالك مشارك من تملك عدة محلات في العقار المشترك؛الشيء الذي  قد يؤدي في نهاية الأمر إلى إزالة الملكية الملكية المشتركة وما يصاحبها من  تضارب مصالح ملاك المحلات وإحلال الملكية الفردية الخاصة محلها لا ينسجم مع سياسة التخفيف من الحد من أزمة السكن.التي تقتضي تقرير حرية تداول المحلات في العقار المشترك،وافساح المجال أمام الأشخاص في الحصول على مسكن في صورة ملكية خاصة تحقيقا للمصلحة العامة([32]).
وهذا ما ذهب إليه الإجتهاد الفرنسي في ظل قانون 10 يوليوز 1965،فقد قضت محكمة النقض الفرنسية في حكم صادر عنها بتاريخ 17 يوليوز 1972 باعتبار شرط الشفعة الوارد في الملكية المشتركة غير متفق مع مقتضيات تخصيص العقار المشترك([33]).
ج:-ممارسة حق الصفقة يكرسه المصلحة الخاصة على العامة.
لقد انفرد فقهاء المالكية المتأخرين في المغرب بنوع خاص من أنواع البيوع،يكمن في قيام أحد الشركاء ببيع العقار المشترك كله بما في ذلك حصته وحصة باقي شركائه، دون أن يستأذنهم في ذلك ابتداء، ودون ما رفع طلب إلى القاضي ليجبرهم على البيع، وهذا النوع من البيع يطلق عليه بيع الصفقة. فعن الشيخ ميارة أنه قال : إن مما جرى به العمل في الأزمنة المتأخرة في مدينة فاس مخالفة للمنصوص في هذا البيع المسمى بيع الصفقة([34])، وصورته : "أن تكون دار مثلا أو عبد أو غير ذلك بين رجلين أو ثلاثة ومدخلهم في ذلك واحد، بحيث كانوا قد ملكوا ذلك دفعة واحدة بشراء أو إرث أو غير ذلك فيعمد أجرهم إلى ذلك الملك ويبيع جميعه، ثم يكون لشريكه أو شركائه الخيار بين أن يكملوا البيع للمشتري، وبين أن يضموا ذلك المبيع لأنفسهم، ويدفعوا للبائع مناب حصته من الثمن الذي باع به"([35]). قال سيدس عبد القادر الفاسي:"هذا أصل اللفظ في اللغة،ثم صار في الغلبة على نوع خاص من البيع،وهو ما كان بالضمة والجبر،أي ما كان فيه بيع جميع الشيء المشترك صفقة واحدة جبرا على باقي الشركاء الذين يبقى لهم حق ممارسة ضم الصفقة"([36]) أو هي :"بيع أحد الشركاء في ملكية شيء على الشياع لواحد من الغير الشيء المشترك دفعة واحدة"([37]). وكما يكون بيع جميع المشترك، يكون كذلك في بعضه فقط، لقول الناظم:
فإنما الصفقة بيع المشترك           ***        من كل أو بعض جميع ما ملك([38])
 وكما يشترط اتحاد المدخل في بيع جميع المشترك يشترط كذلك في بيع بعضه، إذ مدار الصفقة في الكل أو البعض مبني على الاتحاد في المدخل المشترك بين الشركاء. فإن كان مدخل كل الشركاء فيه متحدا بحيث تملكوه دفعة واحدة من شخص واحد، وفي زمن متحد بعوض كالشراء، أو بغير عوض كالإرث، أو الهبة، أو الصدقة كما تقدم جاز لأحدهم أن يبيع صفقة كل الشيء المشترك، وإن كان الاتحاد بالمعنى المذكور واقع بين البعض منهم دون البعض الآخر بحيث تملك بعضهم جزءا من المشترك بالشراء من([39])شخص والبعض الآخر تملك([40]) باقيه بالإرث، أو بالشراء من شخص آخر، أو من نفس الشخص ولكن في زمن مغاير، فإن البيع صفقة يكون من بعضهم دون البعض فيما اتحد مدخله من المشترك([41]) لقول صاحب العمل الفاسي :
وبيع ما المدخل فيه متحد         ***        طرا بلا استثناء جزء قد عهد([42])
وبيع الصفقة بالمعنى الوارد في التعريف جرى به العمل بفاس، وعليه عمل  القضاء في المغرب([43]).
لكن السؤال الذي يثور هنا هو ما مدى مسايرة هذا النوع من البيع للتطور  الاقتصادي؟وما مدى مساهمته في التنمية  الاقتصادية بالمغربي؟
فكما ذكت من قبل أن هذا النوع من البيع انفرد بع العمل في المغرب،وهو يقتضي من أجل أن يبيع أحد الشركاء حصته في مال مشاع له الحق في أن يبيع المال كله بدون أن يتوقف ذلك على إذن من شركاء ودون أن يراجع في ذلك القضاء.وهذا كله مخالف لما هو منصوص عليه فقها وقانونا من أن الإنسان لا يبيع إلا ما يملك  لا ما لا يملك.كما أن في إجبار باقي الشركاء على بيع ملكهم فيه مخالفة للقاعدتين اللتان تقضيان بأن الإنسان حر في البيع والشراء،وأن الإنسان لا يجبر على التخلي عن ملكه إلا لأجل المصلحة العامة. ومن هذا كله يتضح أن المشرع المغربي قد رجح المصلحة الخاصة للمصفق على المصلحة العامة للمصفق عليهم،كما أن مصلحة المشتري في هذه الحالة تكون مهددة بالتعرض للضياع؛إذ حقوقه على العقار المبيع تكون معلقة على شرط واقف وهو إمضاء البيع من قبل المصفق عليهم،الذين لا يسقط حقهم في الإمضاء البيع أو الضم إلا بعد مرور ثلاث سنوات؛ويبقى المشتري طيلة هذه المدة محروما من استغلال واستعمال أو التصرف في مشتراه،وهو ينتظر ما إذا كان المصفق عليهم سيمارسون حقهم في الضم أو الإمضاء. وإذا ماس الشركاء بعد طول هذه المدة حقهم في الضم فإن المشتري سيصاب بخيبة أمل خاصة إذا كان قد دفع الثمن لبعض الشركاء وازدادت قيمة العقار المشاع،حيث لا يجوز له أن يطالبهم بالتعويض بسبب فقدان حقه على ملكيته،وإنهما له أن يسترد الثمن ونفقات العقد دون الزيادة التي طرأت على قيمة المبيع. وهذا كله يؤدي إلى فقدان التصرفات الواقعة على العقار المشاع لقيمتها ومصداقيتها مما يترتب عنه حتما فقدان الثقة بين المتعاملين بشأن العقارات المشاعة،ويدفعهم في الغالب إلى الإحجام عن اقتناء مثل هذه العقارات؛وبالتالي هذا يجعل العقارات المشاعة معطلة عن الاستثمار وخارج حلبة التنمية،فتهدر بذلك المصلحة العامة للمجتع في الوقت الذي ينبغي تعبئة جميع أنواع العقارات ودمجها في عملية الإستثمار والتنشيط العقاري من أجل السعي ببلدنا نحو التقدم والازدهار الاقتصادي. فالصفقة في نظامها الحالي بدون إعطاء ضمانات للمشتري قد تساهم في تعطيل العقارات الشائعة وتعطلها،عن لعب دورها في النسيج الاقتصادي في الوقت الذي دخل في المغرب رهان المنافسة وزمن العولمة الاقتصادية. كما الأخذ بهذا النظام يكشف عن قصد المشرع المغربي-ولو عن حسن نية-من وراء إقرار هذا النظام ألا وهو ترجيح المصلحة الخاصة على المصلحة العامة؛لذا وجب إعادة النظر في أحكام الصفقة بإعطاء المشتري ضمانات على حقوقه التي اشتراها في إطار الملكية المشاعة،وتخويل القاضي كامل الصلاحية في إجازة هذا البيع إذا رأى أن هناء أسبابا جدية لاستثمار هذا العقار،وأنه سيتحقق عنه نفع للجميع؛وإلا خول للمصفق عليهم الحق في ضم الصفقة.فمتى تحققت المصلحة العامة ولو على حساب المصلحة الخاصة وجب مراعاتها.
المحور الثالث: مبدأ اتفاق كافة الشركاء على التصرف في العقار المشاع
 لا يساعد على استثمار العقار المشاع.
   بداية لابد من الحديث عن المبدأ المشار إليه (أولا)ثم ما وجب الأخذ به لتسهيل لعملية استثمار وتنمية العقار المشاع؟(ثانيا).
  أولا:التصرف في كل العقار المشاع يستوجب موافقة كافة الشركاء.
 التصرف في العقار المشاع إما أن يكون قانونيا أو ماديا،فالتصرف القانوني هو الذي يغير من وضعية العقار القانونية مثل نقل ملكيته إلى الغير،أما التصرف المادي فهو الذي يغير من الغرض الذي وجد من أجله العقار المشاع مثل البناء أو الغرس في الأرض المشاعة.وسواء كان التصرف قانونيا أو ماديا فلابد من موافقة كافة الشركاء طبقا لما ورد في الفصلين 963 و 972 وما يستفاد بمفهوم المخالفة من الفصل 973 من ق.ل.ع. لكن الأمر يختلف في حال تصرف الشريك في حصته بين أن يكون التصرف قانونيا أو ماديا: فالتصرف القانوني الصادر من الشريك في حدود حصته لا يثير أي صعوبة مادام أنه قد تصرف ملكه ومن غير أن يلحق ضررا بباقي شركائه،وإنما الصعوبة تثار في حال تصرفه في العقار كله أو في الزائد عن حصته،حيث يلزم لإجازة هذا التصرف موافقة كافة الشركاء ولا ينفعه في ذلك أن يكون مالكا لثلاثة أرباع العقار المشاع المنصوص عليها في الفصل 971 من ق.ل.ع.   وتصرف الشريك في العقار كله لا يتصور إلا في العقار غير المحفظ،وإذا وقع فإن  هذا التصرف يكيف على أنه تصرف في ملك الغير،وبالتالي وجب تطبيق أحكام الفصل 485 من ق.ل.ع.أي أن هذا البيع يتوقف على إجازة باقي الشركاء الذين لهم الحق في إمضاء البيع أو رده،فيأخذ كل واحد منهم نصيبه استحقاقا ويتزاحمون على نصيب شريكهم البائع بطريق الشفعة. أما إذا تعلق البيع بعقار محفظ فإن هذا البيع يقع باطلا لأن قيود السجل العقاري تمنع صحة مثل هذه البيوع،ولأن التحفيظ يأخذ بمبدأ الأثر المنشئ للتسجيل في السجل العقاري،على اعتبار أن جميع الاتفاقات التعاقدية لا يكون لها أي أثر إلا إذا سجلت في الرسم العقار طبقا لأحكام المادتين 66 و 67 من ظهير 13 غشت 1913.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي قد أنزل بعض الأعمال التي هي في الواقع تعبر من قبيل أعمال الادارة التي تستوجب الاكتفاء برأي الأغلبية المالكة لثلاثة أرباع العقار المشاع،وهي كالتالي:
-الأعمال التي تمس الملكية مباشرة كعقد الكراء الذي تفوق مدته ثلاث سنوات.
-إجراء تغيير في العقد الذي أنشئ بموجبه الشيوع كأن يكون خلوا من أي اتفاق على البقاء في الشيوع مدة معينة،فتقرر الأغلبية إدخال شرط بهذا المعنى على العقد أو كأن يكون الاتفاق على البقاء في الشيوع محددا بسنتين فتقرر الأغلبية رفع المدة إلى خمس سنين.
-إجراء تغيير في الشيء المشترك نفسه،كأن يكون أرضا معدة للزراعة فتقرر الأغلبية تحويلها إلى مرعى أو كأن يكون منزلا فتقرر تحويله إلى حمام.
-التعاقد على انشاء التزامات جديدة كأن تقرر الأغلبية تقرير حق ارتفاق للأرض المجاورة أو إعطاء بعض الأشخاص حق الصيد أو القنص أو حق الاحتطاب في غابة مشاعة.
ففي هذه الحالات الأربع المذكورة لا يعتد برأي الأغلبية بال لابد من موافقة كافة الشركاء([44]). أما التصرفات المادية التي  من شأنها احداث تغييرات في الغرض الذي خصص له العقار بقصد الزيادة في قيمته وتحسينه وعصرنته كالبناء في الأرض المشاعة بتحويله من أرض زراعية لى تجزئة سكنية أو من منزل إلى مقهى أو حمام،أو تحويل أرض غير مغروسة إلى أرض فلاحية،.إلخ.
إن مثل هذه الأعمال لابد من موافقة كافة الشركاء عليها سواء تصرف الشريك في حدود حصته أو في الزائد عنها.ويضاف إلى ذلك أن يقوم أحد الشركاء بإجراء تحسينات على العقار المشاع من أجل الزيادة في قيمة،وهذا ما يتناقض والتوجه العام القاضي بضرورة جعل العقار أساس التنمية.لأن من شأن شرط اجماع كافة الشركاء على إجراء التجديدات التي تكون في مصلحة كافة الشركاء،أن اعتراض أحدهم لسبب أو آخر قد يهدر المصلحة العامة،مما يعيق استثمار العقار المشاع.
كما أن القول بأن قيام أحد الشركاء بدون موافقة الباقين بالتصرف المادي في العقار المشاع  أو بإجراء تجديدات عليه يتوقف الفصل فيه بناء على نتيجة القسمة،فإن وقع الجزء الذي وقع فيه التصرف أخذ وإن وقع في غير نصيبه كان لمن آل إليه الحق في أن يدفع لهذا المصرف قيمة ما أنفق ويتملكه أو أن يلزمه بهدم وأخذ أنقاضه أو قلع أغراسه وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه من قبل طبقا لأحكام المادتين 13 و 18 من ظهير 2 يونيو 1915 المطابقة لما أقره فقهاء المالكية في هذه المسألة بشرط أن شريك الباني أو الغارس أو الذي أجرى تلك التجديدات غائبا لا علم له بتصرف شريكه. أما إذا كان حاضرا وعالما ولم يغير عليه فإن الأمر يختلف حيث نقل عن الإمام مالك :"أن من بنى في أرض بينه وبين شريكه، وشريكه حاضر لا ينكر فهو كالمأذن له، ولا يمنع واحد في ملكه وحقه ما أحب، ويعطى له قيمة البناء قائما كالباني بشبهة. إلا أن المأذون له لا يجب عليه كراء لشريكه لأن فعله جائز"([45]). وذهب بعض أصحابه إلى أن السكوت لا يدل على الرضى فيكون له حكمه يجب عليه الكراء لشريكه. قيل : وهو الظاهر من أجوبة ابن رشد، الذي ذكر الاتفاق على هذا القول([46]).أي أن السكوت ليس كالإذن فلو شاء أن يتفق  الشريكان على قسمة العقار المشاع كله بعد البناء أو الغرس، فما خرج في نصيب الباني أو الغارس أخذه، وما خرج في نصيب الشريك الساكت خير فيه. فإن شاء تملك البناء أو الغرس بعد أن يدفع لشريكه قيمته قائما. وإن شاء تركه وأخذ قيمة حصته من الأرض براحا غير مغروسة ولا مبنية.
فإذا لم يتراضيا على القسم فرفعا أمرهما إلى القاضي ليقسم بينهما، فظاهر قول ابن رشد أنهما يشتركان في البناء أو الغرس أولا، وبعد ذلك يقسمان([47]).
 وبعد هذا البيان المقتضب لحكم تصرف الشريك في العقار المشاع يمكن القول أن جعل تكييف تصرف الشريك ماديا في العقار المشاع موقوفا على ما ستأول إليه نتيجة القسمة إذا كان العقار يقبلها،أن المشرع المغربي اعتنق الرأي الذي كان سائدا في الفقه الفرنسي والمصري قبل صدور القانون الحالي،القاضي بأن حق الشريك على الشيء المساع حق ملكية يرد على الشيء الشائع جميعه نتيجة اشتراك باقي الشركاء معه في هذا الحق كل بنسبة رمزية حسابية معينة لا يطابقها بعد جزء مادي مفرز من الشيء الشائع([48]).
            لكن أن يعتنق المشرع المغربي هذا الإتجاه من شأنه أن يعرقل تنمية العقار واستثماره خاصة بالنسبة لاجراء التجديدات على الملك المشاع،حيث يتجلى بوضوح مدى ترجيح المصلحة الخاصة على المصلحة العامة.
   ثانيا:من شأن الأخذ برأي الأغلبة المالكة لثلاثة أرباع العقار الشائع تسهيل استثماره.
   إن اشتراط اتفاق كافة الشركاء على اجراء تصرف على العقار المشاع سواء كان هذا التصرف قانونيا(الفصل 973 من ق.ل.ع)أو ماديا كإدخال تجديدات على الملك المشاع(الفصل 963من ق.ل.ع) من شأنه أن يعرق استثمار العقار الشائع،ذلك لأن من النادر أن تتفق إرادة كافة الشركاء على نوع معين من التصرف،مما يتيح للممتنعين الاعتراض على التصرف الذي قد يبرمه أو يجريه شريكهم،خوفا من المساس بحقوقه وبمصالحه. فأخذ المشرع المغربي برأي المعترضين فيما يخص التصرف في العقار المشاع يعتبر تأكيدا للإتجاه الذي سلكه في تعامله مع الشيوع،وهو تقديس الملكية الخاصة،وترجيحها على المصلحة العامة وعدم الاكتراث بالشيوع.وهو بذلك يكشف لنا على أنه يعتبر هذا النوع من الملكية هو وضع استثنائي مآله إلى الزوال عن طريق الأفراز،شأنه في ذلك شأن المشرع الفرنسي([49]).
   وما تجب الإشارة إليه هو ضرورة الاقتناع بأن الشيوع وضع قائم بذاته لا سبيل للتخلص منه مادام من حتمياته في الغالب أن يكتسبه المرء بطريق الإرث حيث تنتقل الملكيات إلى الورثة جبرا عليهم وليس لهم الحق في ردها  أو التعديل في أنصبتها ابتداء.لذلك ضرورة الاهتمام بالشيوع والعدول عن تقديس الملكية الخاصة إلى الأخذ بعين الإعتبار مصلحة باقي الشركاء وإلى جانبهم المجتمع.وهذا لا يتأتى إلا بإعطاء الأغلبية حق اتخاذ القرار في إجراء تصرف معين يكون من شأنه أن يحقق المصلحة للجميع على غرار ما هو منصوص عليه في المادة 85 من القانون البحري المغربي الذي ورد فيه أنه:"إذا كانت السفينة ملك لعدة أشخاص،جاز رهنها من طرف المجهز المدير من أجل حاجة التجهيز أو الملاحة،وذلك بموافقة الأكثرية،كما هي معينة في الفصل 84 من هذا القانون". وقد حدد  الفصل 74 القانون المذكور هذه الأغلبية بقوله هي التي :"تتألف….. من مجموعة حصص في ملكية السفينة تمثل أكثر من نصف قيمتها".أي الأغلبية التي يملك فيها الملاك نصف السفينة. وفي مجال العقار حبذا لو يتم الاكتفاء برأي الأغلبية المالكة لثلاثة أرباع العقار الشائع حتى يتسنى تهيء الظروف المناسبة لتحقيق المصلحة الجماعية لكافة المشتاعين وتيسيير سبل استثمار العقار الشائع بالتخفيف من حدة انعدام الاتفاق والتعارض  اللذان يعرقلان عملية الاستثمار.
الخلاصة:
والخلاصة التي يمكن أن أختم بها هذه المداخلة هو ضرورة الاهتمام بالشيوع بمراجعة النصوص المنظمة له ومعالجة المشاكل التي تعيق تنميته.وهذه بعض الاقتراحات:
1:-إعادة النظر في النصاب القانوني المنصوص عليه في المادة 971 من ق.ل.ع.المتعلق بأعماد الادارة المعتادة  بالتخفيف منه من اشتراط توفر الاغلبية على ثلاثة أرباع المال المشاع إلى الاكتفاء برأي الأغلبية المالكة لأكثر من نصف المال المشاع،مع تخويل القاضي كافة الصلاحية في حال نشوب نزاع بخصوص أعمال الإدارة في الحالة التي قد يكون أحد الملاك متعسفا في استعمال حقه لأنه يملك لوحده أكثر من نصف المال المشاع.
2:-تعديل الفصل 963 من ق.ل.ع.الذي يشترط اتفاق كافة الشركاء لأجراء تجديدات على الملك المشاع،والاكتفاء برأي الأغلبية المالكة لثلاثة أرباع المال المشاع،باعتبار هذه الأعمال من قبيل الإدارة غير المعتادة.
3:-كذلك تعديل الفصل 972 من ق.ل.ع.المتعلق باشتراط الاجماع بالنسبة للتصرفات القانونية،بالتخفيف من هذا القيد والاكتفاء هو الآخر بالأغلبية الملكية لثلاثة أرباع المال المشاع.
4:-إلغاء حق الأفضلية المنصوص عليه في المادة 39 من قانون 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة،لأن من شأن هذا الحق المخول للمالكين في نظام الملكية المشتركة أن يعمق من أزمة السكن لا التخفيف منها،وهو المبدأ الذي أوجد هذا النوع من الملكية من قبل.
الهوامش:
[1] -الفصل 1088 من ق.ل.ع.
[2] — استعمال وإدارة المال الشائع : “دراسة مقارنة في القانون الوضعي والفقه الإسلامي للدكتور محمود عبد الرحمن محمد، ص :88. الناش :دار النهضة العربية –القاهرة-بدون تاريخ ولا طبعة[تاريخ الإيداع القانوني بدار الكتب المصرية سنة:1993]-يرجع كذلك إلى ندوات محكمة الإستئناف بالرباط،عدد:2،سنة:1997،عن منشورات المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة(الجهة الشمالية الوسطى)ص:273./ يرجع كذلك إلى مؤلف الدكتور عبد المنعم فرج  الصده"حق الملكية: ص:200 عن شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابلي الحلبي وأولاده بمصر-الطبة الثالثة1967
[3] -يطابق هذا النص في التقنينات العربية النصوص التالية:"في القانون السوري المادة:782 من القانون المدني،والمادة 836 من القانون المدني الليبي، المادة 1064 الفقرة 1 من القانون المدني العراقي، المادة 826 من قانون الموجبات والعقود اللبناني.
[4] – استعمال وإدارة المال الشائع : "دراسة مقارنة في القانون الوضعي والفقه الإسلامي للدكتور محمود عبد الرحمن محمد، ص :88. أصول القانون المدني : "الحقوق العينية" لمحيي الدين إسماعيل علم الدين، ج3، ص : 85.
[5] – أصول القانون المدني لمحيي الدين إسماعيل علم الدين، ج 3، ص: 85.
[6] – شرح حق الملكية، للدكتور عبد الناصر توفيق العطار، ص : 99 ، بدون طبعة.
[7]-الوجيز في القانون العقاري المغربي والموريطاني ،تأليف المختار العطار ،ص:113،وطبعة "فضاء الإبداع والطباعة "الطبعة الأولى1999.
[8] – الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي، د محمد بن معجوز، ص: 226.
[9] – التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية، ذ مامون الكزبري، ج2، ص : 121-أصول القانون المدني، لزهدي يكن، ج 3، ص :82
قائمة المراجع المعتمدة في الموضوع:
1– استعمال وإدارة المال الشائع : "دراسة مقارنة في القانون الوضعي والفقه الإسلامي للدكتور محمود عبد الرحمن محمد، الناش :دار النهضة العربية –القاهرة-بدون تاريخ ولا طبعة[تاريخ الإيداع القانوني بدار الكتب المصرية سنة:1993]-
2-ندوات محكمة الاستئناف بالرباط، ع 2،سنة:1997،عن منشورات المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة(الجهة الشمالية الوسطى)
3-"حق الملكية: الدكتور عبد المنعم فرج  الصده عن شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابلي الحلبي وأولاده بمصر-الطبعة الثالثة1967
4- : -"أصول القانون المدني-الحقوق العينية-" لمحيي الدين إسماعيل علم الدين طبعة دار الجيل بدون تاريخ.
5- شرح حق الملكية، للدكتور عبد الناصر توفيق العطار  بدون طبعة.
6–الوجيز في القانون العقاري المغربي والموريطاني ،تأليف المختار العطار ،وطبعة "فضاء الإبداع والطباعة "الطبعة الأولى1999.
7- الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي، د محمد ابن معجوز دار النجاح الجديدة الطبعة الثانية 1999.
8-"أحكام الشفعة في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي"،لابن معجوز–طبعة دار النجاح الجديدة –الطبعة الثانية 1993.
9-التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية" للمرحوم : مامون الكزبري-الناشر: شركة الهلال العربية للطباعة والنشر- الرباط، الطبعة الثانية، 1987.
11-الشفعة في الفقه المالكي والتشريع المغربي"لمحمد محجوبي-مطبعة الكاتب العربي-دوشق-الطبعة الأولى 1413هـ 1993م.
12-"أحكام الصفقة والشفعة "لسليمان الحمزاوي-مطبعة ومكتبة أمنية-منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية-سلسلة دروس المعهد العلي للقضاء-1983.
13-شرح قانون الموجبات والعقود اللبناني" لزهدي يكن- دار الثقافة- يناير سنة 1969 .
14- "التعليق على قانون الالتزامات والعقود المغربي في ضوء الفقه والقضاء"،إعداد حامد الحرفي وسعيد الفكهاني-إصدار:الدار العربية للموسوعات-القاهرة-الطبعة الأولى:1992-1993.
15- مجموعة تشريع واجتهاد، قرارات الغرفة المدنية، مركز النشر والتوثيق القضائي بالمجلس الأعلى، برمجة وإعداد المستشار محمد منقار بنيس.
16- الموجز في أحكام القانون المدني الحقوق العينية الأصلية والتبعية، ذ حسن كبيره،الناشر منشأة المعارف الاسكندرية الطبعة الثالثة 1994. 
17- قضاء المجلس الأعلى في التحفيظ، لعبد العزيز توفيق-دار النجاح الجديدة 1999.
18-التصرف في المال المشاع-رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص-جامعة محمد الخامس الرباط-سنة 1998-1999 ،إعداد عبد اللطيف كرازي
19-شرح حدود ابن عرفة للرصاع – طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية المغربية سنة 1412هـ 1992.
20-أحكام  الشفعة في الفقه الاسلامي  والتقنين المغربي المقارن للدكتور محم ابن معجوز طبعة دار النجاح الجديدة 1413هـ 1993
21- الملحق القضائي ع 20، فبراير 1980،.
22-المجلة  المغربية للقانون المقارن، العدد الأول، 1983،. وما بعدها.
23-مجلة الملحق القضائي ع:20 فبراير 1980
24- الملكية المشتركة" لعبد الحق صافي الطبعة الأولى 1968-1987 بدون ذكر المطبعة.
25-بمجلة المحاكم المغربية العدد:43 ،ماي-يونيو-1986-
26-مجلة المحاكم المغربية عدد 24 مارس أبريل 1983.
27—"تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام"تأليف:العلامة برهان الدين أبي الوفاء إبراهيم ابن شمس الدين أبي عبد الله محمد بن فرحون/وبهامشه كتاب :"العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من العقود والاحكام"لابن سلمون الكناني –دار الكتب العلمية-بيروت-لبنان.
28تحفة الأصحاب والرفقة ببعض مسائل بيع الصفقة للفقيه النوازلي محمد أحمد ميارة ص:136-137مطبة الصومعة –الرباط-1995]
29- شرح العمل الفاسي "للسجلماسي  الرباطي على نظم العمل لأبي زيد عبد الرحمن بن محمد سيدي عبد القادر الفاسي،خزاة كلية الشريعة بفاس.
30- "جني الآس في شرح نظم  عمل فاس"للعلامة :عبد الصمد كنون- مطبعة  الشرق الوحيدة بشارع رقعة القمح-القاهرة-الخزانة العامة،رقم:E :2102.
31-دليل عملي لقاضي التحفيظ العقاري ،اعداد وزارة العدل المغربية ص:33 ط:1968-1388.
32-  المجمع الكبير من المتون دار الفكر للطباعة والنشر.
33-  "نظام الملكية المشتركة في العقارات المنقسمة إلى شقق". تأليف لوي – مارصيل بوماري، تعريب : إدريس ملين-وزارة العدل المعهد العالي للدراسات القضائية-مطبعة ومكتبة أمنية، الرباط-بدون تاريخ.
34-"التعليق على قانون الالتزامات والعقود المغربي في ضوء الفقه والقضاء"،إعداد حامد الحرفي وسعيد الفكهاني-إصدار:الدار العربية للموسوعات-القاهرة-الطبعة الأولى:1992-1993.
35-البيان والتحصيل، لابن رشد،تحقيق الاستاذ محمد العرايشي- دار الغرب الإسلامي.
36- النوازل الجديدة الكبرى، للمهدي الوزاني،طبعة وزارة الاوقاف المغربية 1419هـ 1998.
37–"البهجة في شرح التحفة "لأبي الحسن علي بن عبد السلام التسولي على تحفة الأحكام لابن عاصم الأندلسي،وبهامشه حلي المعاصم لفكر ابن عاصم للإمام أبي عبد الله محمد التاودي،طبعة منقحة ومصححة بإشراف:محمد بنيس-دار المعرفة الدار  البيضاء-المغرب-الطبعة الأولى:1418هـ 1998م.

38- :DROIT CIVILLES BIENS ,Par Patrice Jourdain ,DALLOZ 1995

بحث حول صعوبة التنفيذ



مقدمة
 
إن الواقع الذي تخلفه طول المسطرة أمام القضاء وتعقدها على المتقاضي     لا يهون منه إلا النطق بالحكم المقر لحقه و الملزم لمدينه بالأداء.
غير أن المحكوم لفائدته لا يهنأ بخروجه من دوامة طول وتشعب مسطرة التقاضي حتى يجد نفسه قد دخل في دوامة أخرى أشد وقعا و أكثر تعقيدا وهي معضلة صعوبة التنفيذ بحيث لا يمكن لأحد أن يتنبأ كيف ومتى ستنتهي.
وعدم التنفيذ يرهن الحكم و الحقوق التي يقضى بها بحث يصير المحكوم لفائدته في مواجهة خصم أخر يصعب التغلب عليه وهو الصعوبة في التنفيذ.
ووعيا منه بأهميتها القصوى عمل المشرع المغربي في إطار قانون المسطرة المدنية على تنظيم مؤسسة صعوبة التنفيذ سواء للأحكام القضائية أو لباقي السندات التنفيذية وذلك ضمن الفصول 26 و 149 و 436 و 468 و 482 و 483 و 491  من ق.م.م.
ورغم هذا التنظيم القانوني فان المشرع المغربي لم يأتي بتعريف لصعوبة التنفيذ وهو ما فتح المجال أمام الفقه الذي اجتهد في صياغة مفهوم الصعوبة في التنفيذ حيث اعتبرها البعض بأنها هي تلك المسائل التي تعترض تنفيذ الحكم القضائي سواء كانت ذات طبيعة واقعية أو ذات طبيعة قانونية[1].
هذا وتشكل صعوبات التنفيذ بالنسبة للأطراف هواجس مختلفة تبعا لاختلاف طبيعة المصلحة المراد حمايتها من خلال إثارة الصعوبة فهي بالنسبة للمنفذ له الدائن تعد بمثابة أخر العقبات التي يجب تجاوزها قبل وصوله إلى استيفاء حقه بالتنفيذ فيما تمثل بالنسبة للمنفذ عليه المدين محاولة لتفادي أو لتأخير التنفيذ عليه أو على أمواله.
ومن منطلق ما تقدم فان أهمية التعاطي مع موضوع صعوبة التنفيذ بالدراسة و التحليل لا تحتاج إلى كثير من التبرير و البيان٬ سواء من الناحية النظرية حيث يظل التنفيذ هاجس كل المتقاضين و تبقى الصعوبة في التنفيذ الخطر المحدق الذي يهدد استخلاص الحقوق المستندة على سند قابل للتنفيذ٬ يضاف إلى ذلك أن محدودية وهشاشة التنظيم التشريعي لمؤسسة صعوبة التنفيذ يجعل من هذه الأخيرة مرضا عضال تشكو منه منظومتنا القانونية و القضائية٬ أو من الناحية العملية إذ لا يخفى أن تخلف أداء الجهاز القضائي ببلادنا وحدة المشكلات الهيكلية التي يعاني منها راجع في جزء كبير منه إلى معضلة صعوبة التنفيذ فكثيرة هي الأحكام بمختلف أنواعها المدنية منها و التجارية و الإدارية و غيرها التي لا تعرف طريقها إلى التنفيذ.
وحسبنا أمام تنوع الأحكام و اختلافها مما يطرح صعوبة الإحاطة الشاملة بها أن نقتصر على الأحكام المدنية دون سواها نظرا لشيوع تداول الصعوبة في إطارها خاصة الأحكام العقارية منها.
وبناءا على ما سبق فان صعوبة التنفيذ تعد مؤسسة قانونية توفر ضمانات لطرفي التنفيذ و للغير من اجل حماية الحقوق و المصالح الخاصة و عدا ذلك يعول على هذه المؤسسة بإجراءاتها وتنظيمها القانوني أن تكون في خدمة التنفيذ و حامية له.
ومنه يبرز التساؤل الإشكالي حول كيفية تنظيم المشرع لطرق رفع ومعالجة صعوبات التنفيذ و الادعاءات المتعلقة بشأنها وذلك في إطار ما توفره هذه المؤسسة من ضمانات لطرفي التنفيذ أي كيفية الملائمة بين مصلحة خاصة ضيقة ومصلحة عامة ترتبط بحماية مؤسسة التنفيذ.
وعليه سيجري بحث هذا الطرح الإشكالي الذي يستوجبه الموضوع وذلك عبر إتباع الخطة المنهجية التالية:
المبحث الأول : النظام القانوني لصعوبة التنفيذ.
المبحث الثاني : رفع الادعاءات المتعلقة بصعوبة التنفيذ.
 
 
 
 
 
 
 
 
المبحث الأول: النظام القانوني لصعوبة التنفيذ.
إن فكرة صعوبة التنفيذ تحتل أهمية بالغة في نظرية التنفيذ لا تقل في أهميتها عن فكرة السند التنفيذي نفسه[2].
وصعوبة التنفيذ هي المنازعة القانونية التي بواسطتها يلجأ ذو المصلحة إلى القضاء ليعرض عليه وجهة نظره حول جواز أو عدم جواز التنفيذ، أو حول صحة أو بطلان إجراء من إجراءاته، أو حول إيقافه أو الاستمرار فيه.
فما هي خصائص وأنواع صعوبة التنفيذ؟ وما هي الجهة المختصة بالنظر في دعوى الصعوبة؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في مطلبين: حيث نخصص المطلب الأول لماهية صعوبة التنفيذ، في حين نخصص المطلب الثاني لدعوى صعوبة التنفيذ.
 
المطلب الأول: ماهية صعوبة التنفيذ.
سنحاول من خلال هذا المطلب أن نقف عند مميزات صعوبة التنفيذ وأنواعها، هذا بالإضافة إلى تمييز صعوبة التنفيذ عن بعض المفاهيم المشابهة لها، وسنخصص لكل نقطة فقرة مستقلة.
 
 
الفقرة الأولى: مميزات صعوبات التنفيذ.
من خلال التعاريف التي سبقت الإشارة إليها، والتي حاول الفقه من خلالها توضيح المقصود من صعوبة التنفيذ، يتضح أن هذه الأخيرة تتميز بخاصيتين أساسيتين: ويتعلق الأمر بكون مرحلة التنفيذ مرحلة ما بعد صدور الحكم، وقيام الصعوبة على وقائع وأسباب لاحقة. وسنتناول كل نقطة على حدة.
 
أولا: صعوبة التنفيذ مرحلة ما بعد صدور الحكم.
إن الصعوبة في التنفيذ تتعلق بمرحلة ما بعد صدور الحكم، ولا تطرح على الجهة المختصة بالنظر في دعوى الصعوبة إلا ما تعلق بهذه المرحلة، حيث أن كل ما سبق الحسم فيه بحكم، لا يمكن إعادة طرحه عن طريق إثارة الصعوبة في تنفيذ ذلك الحكم[3].
ومن تم فإن الصعوبة في التنفيذ ترفع قبل البدء في عملية التنفيذ أو أثناء التنفيذ أو بعده.
فالمرحلة الأولى، هي التي أشار إليها الفصل 149 من ق.م.م.، وتنشر أمام قاضي الأمور المستعجلة، ولا يمكن القول أنه ما دام لم يشرع في التنفيذ فلا مصلحة للمدين في إثارتها، حيث ما دام الحكم قابلا للتنفيذ فمن حقه أن يطالب بحماية هذا الحق على اعتبار أن الفصل 149 ينص على أن رئيس المحكمة يختص، كلما توفر عنصر الاستعجال في الصعوبة المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ.
أما المرحلة الثانية، فإن الصعوبة تثار بمقتضى الفصل 436 من ق.م.م.، ويمكن إثارتها من الطرفين أو الغير أو المكلف بالتنفيذ ويكون رئيس المحكمة بخصوص هذه المرحلة بين أمرين اثنين: إما التصريح بوجود صعوبة جدية فيأمر بإيقاف التنفيذ أو تأجيله، وإما التصريح بعدم وجودها ويأمر بمواصلته.
أما بخصوص مرحلة ما بعد التنفيذ، فإن المتضرر منه، لا يملك سوى مراجعة قضاء الموضوع للمطالبة ببطلان إجراءات التنفيذ التي تمت، لأنه ليس هناك تنفيذ يرد عليه الوقف وإنما يوجد مركز قانوني مكتمل يمكن أن يرد عليه الإلغاء.
لكن الإشكال المطروح، هو أنه قد يحدث أن يقدم الطلب إلى المحكمة قبل إتمام التنفيذ، ويتم هذا الأخير قبل أن يصدر الحكم في الصعوبة.
وبخصوص هذا الإشكال يرى البعض أنه يجب البت في الطلب بالإيقاف أو الاستمرار في التنفيذ، وأن إعادة الحالة إلى ما كانت عليه كفيلة بإزالة كل آثار التنفيذ التي اتخذت من قبل[4]. وإذا كان من الممكن القول بصحة هذا الرأي في الحالة التي تكون فيها الإجراءات التنفيذية التي اتخذت إجراءات أولية أو تحفظية، فإن الأمر يكون غير ذلك إذا ما بلغ التنفيذ مرحلته النهائية. إذ يؤدي ذلك إلى ضرورة صدور الحكم بعدم القبول لعدم وجود التنفيذ للنظر في النزاعات المتعلقة به. هذا بالإضافة إلى أن بعض عمليات التنفيذ يصعب أو يستحيل إعادتها إلى حالتها، والحكم الصادر في الصعوبة لا يمكن تنفيذه لأنه لا يتضمن قضاء بإلزام المنفذ له برد ما توصل به. ولتفادي الدخول في هذه المشاكل نرى أنه لابد من تدخل المشرع في هذا الباب وذلك لينص صراحة على ضرورة للبث في طلبات الصعوبة قبل التنفيذ ولو في غيبة الأطراف.
 
 
ثانيا: قيام الصعوبة على وقائع وأسباب لاحقة.
إن الصعوبة في التنفيذ ليست طعنا في الحكم كما سيأتي بيانه في حينه، وبالتالي فهي لا تنشر أمام القضاء المختص نفس النزاع الذي سبق الفصل فيه من طرف محاكم الموضوع، لأن القول بغير ذلك قد يؤدي إلى المساس بحجيته الحكم المستشكل فيه موضوعا وأطرافا وسببا، ولأصبح بإمكان كل من لم تستجب محاكم الموضوع لطلباته أن يجدد بمناسبة الصعوبة كافة المنازعات التي بثت فيها هذه المحاكم.
وعليه، فعلى مثير الصعوبة الاستناد في إشكاله على وقائع وأسباب لاحقة لصدور الحكم، وإذا تبين للجهة القضائية المختصة أن مبنى الصعوبة سابق على صدور الحكم المستشكل فيه، تعين عليها التصريح بعدم وجود الصعوبة والأمر تبعا لذلك برفض طلب إيقاف التنفيذ لكون ما عرض عليها؛ الخوض في موضوع سبق الحسم فيه من طرف محاكم الموضوع صراحة أو ضمنيا[5]
 
الفقرة الثانية: أنـــواع الصعــوبـــة.
من خلال الفصول التي تناولت صعوبة التنفيذ يلاحظ أن هذه الأخيرة، إما أن تكون صعوبة موضوعية تنصب على الحكم ذاته وهي التي نص عليها الفصل 26 من ق.م.م. وترجع لاختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم على أساس أنها أعلم بظروف وملابسات الخصومة، وتكون الغاية من إثارتها العمل على اتخاذ قرار موضوعي من شأنه أن يرجع بالحكم إلى ما قبل مرحلة التنفيذ، وذلك كالطعن في التبليغ بادعاء أن الحكم ما زال لم يصدر نهائيا، وأنه لم يبلغ للمحكوم عليه. وكدعوى استحقاق المنقولات المحجوزة، وكدعوى بطلان حكم المحكمين.
وإما صعوبة وقتية وتنصب على الأحداث التي تطرأ بعد صدور الحكم، وقد عالجها المشرع في الفصول 149، 436، 468 من ق.م.م. وتكون الغاية من إثارتها أمام الجهة المختصة إيقاف إجراءات التنفيذ بصفة مؤقتة إلى حين الفصل في موضوع النزاع.
 
الفقرة الثالثة: صعوبة التنفيذ وبعض المفاهيم المشابهة.
سنعمل من خلال هذه الفقرة على تمييز صعوبة التنفيذ عن طلب إيقاف التنفيذ المعجل من جهة، وتمييز صعوبة التنفيذ عن مفهوم الطعن من جهة أخرى، وسنقف عند كل نقطة على حدة.
 
أولا: صعوبة التنفيذ وإيقاف التنفيذ المعجل.
إن طلب إيقاف التنفيذ المعجل يباشر في نطاق الفصل 147 من ق.م.م أمام غرفة المشورة لمحكمة الطعن الابتدائية أو الاستئنافية، والغاية من ذلك إيقاف مفعول النفاذ المعجل المحكوم به في الحكم المطعون فيه. أما إثارة الصعوبة، فهي تباشر في نطاق الفصول التي تناولت صعوبة التنفيذ والتي سبقت الإشارة إليها.
كما أن الأمر يختلف بينهما من حيث الأساس للاستجابة للطلب، فإيقاف التنفيذ المعجل تراقب فيه غرفة المشورة ما إذا كان النفاذ المعجل المحكوم به يصادف الصواب أم لا، بينما تتميز الأساس والأسباب التي تبنى عليها الصعوبة بالتعدد، وتعتمد على طعون موجهة ضد الإجراءات المتخذة أو التمسك بالوقائع المادية التي تتنافى وتتعارض مع التنفيذ.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن بإمكان طالب إيقاف التنفيذ المعجل أن يلجأ إلى الرئيس بصفته قاضي المستعجلات متى تأخرت المحكمة عن البث في طلب الإيقاف داخل الأجل القانوني (30 يوما) ليلتمس منه الإيقاف على أساس أن عدم الحكم داخل الأجل القانوني يشكل صعوبة قانونية تبرر الاستجابة للطلب[6].
 
ثانيا: صعوبة التنفيذ ومفهوم الطعن.
إن الصعوبة في التنفيذ ليست في أساسها إلا اعتراضا على إجراءات التنفيذ، فهي تنصب على النشاط التنفيذي ككل، بما يقتضيه من شروط وما قد يتصل به من عوارض، أما الطعن فهو وسيلة للتظلم من الأحكام شكلا ومضمونا، تحقيقا للاطمئنان والاستقرار ودرءا للخطأ والسهو، وقد حدد له المشرع طرقا خاصة به وآجالا معينة، كما حدد المحاكم المختصة بالنظر فيه.
وإذا كان الطعن ينقل الدعوى إلى محكمة أعلى درجة لتفصل فيه مجددا من الناحية الواقعية والقانونية، فإن الصعوبة في التنفيذ وهي تتعلق بمرحلة ما بعد صدور الحكم لا تطرح على الجهة المختصة إلا ما تعلق بهذه المرحلة، فكل ما سبق الحسم فيه بحكم لا يمكن إعادة طرحه عن طريق إثارة الصعوبة في تنفيذ ذلك الحكم.
إن الصعوبة في التنفيذ ليس لها في حد ذاتها أثر موقف، بل لابد في ذلك من أمر رئاسي بإيقاف التنفيذ ما لم ينص القانون على خلاف ذلك (الفصل 482 و436).
أما الطعن في الحكم، خصوصا الطعن بالاستئناف والتعرض، فله في حد ذاته أثر موقف ما لم يكن ذلك الحكم مشمول بالنفاذ المعجل قانونا أو قضاء، كما نصت على ذلك الفصول 132، 134 من ق.م.م.. هذا وتجدر الإشارة إلى أن سقوط حق المحكوم عليه في ممارسة الطعن لسبب من الأسباب لا يمنعه من إثارة الصعوبة في تنفيذ ذلك الحكم[7].
 
المطلب الثاني: دعوى صعوبة التنفيذ.
 
إن المشرع أسند مهمة الفصل في صعوبة التنفيذ للقضاء المستعجل من خلال الفصول 149، 436، 468 من ق.م.م.. ولما كان الأمر كذلك، فإن دعوى صعوبة التنفيذ يجب أن تتوفر فيها الشروط العامة من صفة ومصلحة وأهلية[8]، بالإضافة إلى مواصفات الدعوى الاستعجالية وهي:
توفر حالة الاستعجال من جهة وعدم المساس بأصل الحق من جهة أخرى، زد على ذلك جدية المنازعة التي نصت عليها مقتضيات الفصل 436 من ق.م.م.
وحالة الاستعجال تتمثل في دعوى صعوبة التنفيذ في دفع الضرر المؤكد الذي يتعذر تداركه أو إصلاحه إذا ما حدث كهدم بناء مثلا.
وعدم المساس بالحق يقتضي بأن لا يتطرق موضوع الصعوبة في التنفيذ إلى تفسير الحكم المراد تنفيذه، أو تأويله، لأن مثل هذه المهمة قد أسندت إلى المحكمة التي أصدرت الحكم. فما هي أطراف دعوى صعوبة التنفيذ؟ وما هي الجهة المختصة لمعالجة صعوبة التنفيذ؟ وما هي آثارها؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه من خلال ثلاث فقرات: نتعرض في الأولى لأطراف دعوى الصعوبة، وفي الثانية للجهة المختصة بالنظر في دعوى الصعوبة، وفي الثالثة لآثار دعوى الصعوبة.
 
الفقرة الأولى: أطراف دعوى الصعوبة.
يتضح من خلال النصوص التي نظم بها المشرع صعوبة التنفيذ أن أطراف دعوى الصعوبة نوعان: الأطراف المباشرة، والأطراف غير المباشرة في الحكم المراد تنفيذه، وسنقف عند كل نوع في نقطة مستقلة.
 
أولا: الأطراف المباشرة.
لقد نص الفصل 436 من ق.م.م. الذي عالج مسطرة إثارة صعوبة التنفيذ على أن للأطراف الحق في إثارة صعوبة التنفيذ، وتحال على رئيس المحكمة من المحكوم عليه، أو المحكوم له، أو العون المكلف بالتبليغ أو تنفيذ الحكم.
إلا أن الملاحظ بخصوص الفصل المذكور أعلاه أن البعض يخلط بين إثارة الصعوبة، إذ لا يكون ذلك إلا لأطراف الحكم المراد تنفيذه وإحالتها على رئيس المحكمة. حيث اعتمد البعض بأن للأطراف كما للمنفذ الحق في إثارة صعوبة التنفيذ، وهذا نهج لا يستقيم مع نسبية الأحكام من جهة ولا مع مهمة المنفذ التي يجب أن يطبعها الحداد والموضوعية.
وفي هذا الاتجاه صدر قرار للمجلس الأعلى عدد 817، الصادر بتاريخ 11/04/1990 الذي جاء في حيثياته ما يلي:
لكن حيث أن الصعوبة في التنفيذ لا يثيرها العون المكلف بالتنفيذ، وإنما يثيرها الأطراف… [9].
ثانيا: الطرف غير المباشر.
إن الطرف غير المباشر في دعوى الصعوبة هو الذي لم يكن طرفا في نزاع الحكم المراد تنفيذه، ونميز بخصوصه بين حالتين:
Ø     حالة الغير الذي لا صلة له بأطراف النزاع، وهي الحالة التي عالجها المشرع في الفصلين 468 و482 من ق.م.م.
ذلك أن المشرع خول للغير الذي تحجز أمواله تنفيذا لحكم لم يكن طرفا فيه، إمكانية اللجوء إلى رئيس المحكمة لاستصدار أمر بتأجيل التنفيذ على المحجوزات إن كانت من المنقولات إلى حين الفصل في استحقاقها من طرف محكمة الموضوع، أما إذا تعلق الأمر بحجز عقار الغير الذي ليس طرفا في الحكم المراد تنفيذه فإن لهذا الأخير الحق في إبطال ذلك الحجز بإقامة دعوى استحقاق العقار.
Ø     حالة الغير الذي له صلة بالمنفذ عليه والذي أصبحت مصالحه مهددة، كما هو الحال بالنسبة للخلف الخاص للمنفذ عليه، كالذي يكون قد اشترى سيارة المنفذ عليه، لكن عملية نقل الملكية لازالت لم تتم بعد، فعمل المنفذ على حجزها حجزا تنفيذيا، وفي هذه الحالة للمعني بالأمر سلوك مسطرة تعرض الغير الخارج عن الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم أو اللجوء إلى رئيس المحكمة للمطالبة بإيقاف التنفيذ دفعا لما سيلحقه من ضرر.
وبخصوص النظر في هذا النوع من إشكالات التنفيذ، ظهرت عدة اتجاهات في القضاء المغربي اتجاه اعتبر أن المتعرض تعرض الغير الخارج عن الخصومة أصبح معنيا بالخصومة التي كانت بين الأطراف الظاهرة للحكم فخولته الحق في إثارة صعوبة التنفيذ، في حين ذهب اتجاه آخر إلى أن المتعرض تعرض الغير الخارج عن الخصومة ليس طرفا في الخصومة، ويعد أجنبيا عن النزاع ولا يمكن أن يكون ادعاءه عرقلة في التنفيذ، وهو الاتجاه الذي كرسه المجلس الأعلى في قرار له الصادر بتاريخ 06/03/1991 الذي جاء في حيثياته، " حيث أنه بناء على مبدأ نسبية الأحكام، فإن المطلوبة لم تكن طرفا في الأمر الذي لم يصدر في مواجهتها… وكان السبيل الوحيد أمامها هو سلوك مسطرة تعرض الغير الخارج عن الخصومة…".
إلا أنه إذا لم يكن من حق المتعرض تعرض الغير الخارج عن الخصومة الحق في إثارة صعوبة التنفيذ، فإن من حقه أن يلجأ إلى قاضي المستعجلات لطلب تأجيل التنفيذ في إطار الفصل 149 في انتظار الفصل في دعوى تعرض الغير الخارج عن الخصومة دفعا للضرر الذي يهدده[10].
 
 
 
 
الفقرة الثانية: الجهة المختصة بالنظر في دعوى الصعوبة.
 
مما لاشك فيه أن التنفيذ يتوقف على فعالية الأجهزة المشرفة على سيره ومراقبته، لذلك أجمعت التشريعات على إسناد مهمة الإشراف والرقابة على سير عملية التنفيذ للقضاء[11].
ولما كان القضاء المستعجل هو المختص بالنظر في صعوبة التنفيذ، فإن للقضاء المستعجل جهات متعددة.
فإذا كانت مستندة أساسا إلى رئيس المحكمة الابتدائية، فإنها قد تُسند إلى الرئيس الأول في حالات معينة، كما أنه لما كان تنفيذ الحكم قد يكون خارج الدائرة الترابية للمحكمة التي أصدرت الحكم، فإن للبعض أن يتساءل عن القضاء المستعجل الذي سينظر في دعوى الصعوبة أهو رئيس المحكمة التي أصدرت الحكم أم هو رئيس المحكمة التي يجري التنفيذ في دائرتها[12].
من المعلوم أن الأحكام القابلة للتنفيذ نوعان: الأحكام النهائية والأحكام غير النهائية، ولكنها مشفوعة بالنفاذ المعجل بنص الحكم أو القانون.
فبخصوص الأحكام النهائية، فإن الصعوبة في التنفيذ لا يمكن إثارتها إلا أمام رئيس المحكمة قاضي المستعجلات، وإذا كان إسناد هذه المهمة لهذا الأخير لها ما يبررها من الناحية النظرية باعتباره أقدم القضاة وأكثرهم خبرة وتجربة، فإنه يبقى اختيارا منتقدا من الناحية العملية لتعدد مهام الرئاسة الإدارية والقضائية والولائية، مما يجعل مهمة الإشراف الفعلي على التنفيذ تُفوض من طرفه لأحد قيدومي القضاة أو لأكثرهم كفاءة علمية[13].
أما إذا أثيرت الصعوبة في تنفيذ الأحكام غير النهائية والمشفوعة بالنفاذ المعجل، فيجب تحديد موقع ومكان نزاع الأصل، وعلى ضوئه يمكن أن نحدد القضاء المستعجل المختص. حيث أنه إذا كان نزاع الأصل قد عرض على محكمة الاستئناف، كان الرئيس الأول هو المختص (الفقرة الأخيرة من الفصل 149 من ق.م.م). ويبتدئ مفعوله من تاريخ وضع مقال الاستئناف في صندوق المحكمة ولو لم يكن الملف أحيل بعد على محكمة الاستئناف. هذا، ويبقى الرئيس الأول مختصا حتى في حالة التعرض على قرار محكمة الاستئناف أو أثيرت أمام محكمة الاستئناف دعوى تعرض الغير الخارج عن الخصومة، أما إذا انتهى نزاع الأصل أمام محكمة الاستئناف فإن حق النظر في الصعوبة يعود إلى رئيس المحكمة الابتدائية.
أما فيما يخص الصعوبة المثارة حول تنفيذ حكم يباشر خارج الدائرة القضائية للمحكمة التي صدرت الحكم، فإن الفقه والقضاء قد استقر على أن صعوبة التنفيذ لا يمكن أن تثار في هذه الحالة إلا أمام رئيس محكمة مكان التنفيذ[14].
 
الفقرة الثالثة: آثار دعوى صعوبة التنفيذ.
سنميز من خلال هذه الآثار بين آثار دعوى الصعوبة بالنسبة للأطراف المباشرة وبالنسبة للغير.
 
أولا: بالنسبة للأطراف المباشرة.
إن الآثار المترتبة عن البث في دعوى الصعوبة إما عدم قبول دعوى الصعوبة أو الاستجابة لطلب مثير الصعوبة. وإذا كان عدم قبول دعوى صعوبة التنفيذ لا يثير أي إشكال بخصوص مواصلة مسطرة التنفيذ، فإن الإشكال يطرح عند الاستجابة لطلب مثير الصعوبة، إذ في هذه الحالة يصدر الأمر بوقف إجراء التنفيذ بصفة مؤقتة، والسؤال الأهم الذي يتبادر إلى الذهن هو إلى متى ستظل هذه الوقتية معرقلة لتنفيذ حكم أصبح قابلا للتنفيذ.
إن مقتضيات الفصل 436 من ق.م.م. تنص على أنه إذا ثبت للرئيس جدية الطلب، أمكنه إصدار الأمر بوقف التنفيذ إلى أن يبث في الأمر. ويقصد بالبث في الأمر لجوء المعني بالأمر إلى المحكمة التي صدرت الحكم المراد تنفيذه لتوضيح الإشكال الذي ارتأى الرئيس أنه يشكل صعوبة في التنفيذ. ولم يحدد المشرع أجلا لرفع هذه الدعوى على غرار ما فعل في الفصل 468 من ق.م.م.
 
ثانيا: بالنسبة للغير.
إن صعوبة التنفيذ التي يمكن للغير إثارتها حسب الفصل 468 إذا نتج عنها الاستجابة للطلب، تقتضي وقف إجراءات التنفيذ على المحجوزات في انتظار الفصل في دعوى استحقاقها بحكم نهائي. ودعوى الاستحقاق يجب أن ترفع إلى قضاء الموضوع داخل أجل 8 أيام من تاريخ الأمر بوقف التنفيذ ما لم تكن أقيمت قبل ذلك.
فقرار محكمة الموضوع أو مضي أجل 8 أيام دون إقامة دعوى الاستحقاق هو الذي سيقرر مصير إجراءات التنفيذ التي صدر الأمر بوقفها مؤقتا.
فإذا حكمت محكمة الموضوع برفض دعوى الغير أو حكمت بعدم قبولها أو أن دعوى الاستحقاق لم تقم داخل الأجل القانوني، فإن المنفذ يواصل إجراءات التنفيذ على المحجوزات إلى نهاية إجراءات التنفيذ[15].
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
المبحث الثاني: رفع الادعاءات المتعلقة بصعوبة التنفيذ.
إن إثارة الصعوبة في التنفيذ من طرف صاحب المصلحة طرفا كان في التنفيذ أو غيرا قد ينطوي على اعتبارات خاصة تبررها مصلحة مثير هذه الصعوبة.
ذلك أن المصلحة الخاصة للمنفذ عليه في ادعاء الصعوبة في التنفيذ يفسرها محاولته لتفادي التهديد الذي يشكله التنفيذ عليه أو على أمواله، كما أن إثارة المنفذ له لهاته الصعوبة خصوصا الواقعية يستند على مصلحته الخاصة في التعجيل بتذليل العقبات التي تحول دون استيفائه لحقه من خلال التنفيذ، و فضلا عن طرفي التنفيذ فان إثارة الصعوبة قد تكون راجعة للغير الذي يدعي ملكيته للمال المنفذ عليه منقولا كان أو عقارا.
وفي إطار هاته الادعاءات المرتبطة بصعوبة التنفيذ التي يختلف أساسها وغرضها بحسب الجهة المثيرة لها تبرز أهمية البحث عن الوسائل و الآليات الإجرائية التي يمكن عن طريقها معالجة هاته الادعاءات ورفع الصعوبة بوصفها موضوعا أو محلا لهاته الادعاءات.
وتختلف الآليات المسطرية لرفع الصعوبة في التنفيذ تبعا للجهة التي أثارت هذه الصعوبة حيث سيجري التمييز مابين الآليات الإجرائية المتاحة للأطراف في رفع الصعوبة (مطلب أول) وبين تلك الآليات الإجرائية المتاحة للاغيار في رفع الصعوبة (مطلب ثاني).
 
 
 
المطلب الأول: الآليات الإجرائية المتاحة للأطراف في رفع الصعوبة.
يقضي الفصل 436 من ق.م.م بأنه " إذا أثار الأطراف صعوبة واقعية أو قانونية لإيقاف تنفيذ الحكم أو تأجيله أحيلت الصعوبة على الرئيس من لدن المنفذ له أو المحكوم عليه أو العون المكلف بتبليغ أو تنفيذ الحكم القضائي…".
 إن منطوق الفصل المذكور قد عمل في إطار تنظيمه لكيفية التعامل مع الصعوبة في التنفيذ بهدف رفعها على استعمال مصطلحي إثارة الصعوبة وإحالة الصعوبة، فإذا كانت هذه الأخيرة تفيد ذلك الإجراء المسطري الذي يتم إقامته أمام رئيس المحكمة في موضوع صعوبة تعتري التنفيذ، وهو ما يمكن الاصطلاح عليه بإحالة الصعوبة على الرئيس فان إثارة الصعوبة وان لم يحدد الفصل أعلاه صراحة الجهة التي تثار أمامها هذه الصعوبة إلا انه يمكن الحسم بان الإجراء المتمثل في إثارة الصعوبة يكون أمام العون المكلف بالتنفيذ[16].
 
وبديهي أن تتقدم الآلية الإجرائية المتمثلة في إثارة الصعوبة أمام عون التنفيذ عن إحالة الصعوبة على الرئيس كآلية إجرائية ثانية لاحقة، إذ لا يتصور تماشيا مع مفهوم الفصل 436 إحالة الصعوبة على الرئيس دون أن يسبق ذلك إثارتها فعليا عند مرحلة التنفيذ وبمحضر العون المكلف به.
وهكذا سيجري بداية التعرض لإثارة الصعوبة أمام عون التنفيذ (فقرة أولى) على أن يلحقها بحث إحالة الصعوبة على الرئيس ( فقرة ثانية).
 
الفقر الأولى: إثارة الصعوبة أمام عون التنفيذ.
كما سبق وان حسمنا في ذلك فان الآلية الإجرائية المتعلقة بإثارة الصعوبة تكون وجوبا أمام عون التنفيذ رغم أن نص الفصل 436 من ق.م.م لم يحدد صراحة الجهة التي يمكن أن يثار أمامها الادعاء المتعلق بالصعوبة، ودليلنا في ذلك أن الفصل أعلاه قد خول لعون التنفيذ إمكانية إحالة الصعوبة على الرئيس وهو الإجراء الذي يفرض سبق القيام بإثارة الصعوبة من قبل الأطراف انسجاما مع صياغة الفصل المذكور وهذا الإجراء أي إثارة الصعوبة الذي لا يمكن معه القول بأنه يتم أمام الرئيس مادام أن الأمر في هذه الحالة يتعلق بإحالة الصعوبة على الرئيس وليس إثارتها أمامه ولا يستقيم مع كل هذه الاعتبارات إلا القول بان إثارة الصعوبة تتم بالضرورة أمام عون التنفيذ.
هذا وقد اجتهد الفقه في تقديم تعار يف عديدة لهاته الآلية الإجرائية المتمثلة في إثارة الصعوبة أمام عون التنفيذ، إلا أننا نميل إلى الاخد بالتعريف الذي جاء به الدكتور عبد الرحيم الصقلي و الذي يتماشى مع التصور الذي أورده الفصل أعلاه، حيث يقصد بإثارة الصعوبة في التنفيذ " إبداء احد الأطراف دفعا أمام العون المكلف بالتنفيذ الجبري يدور حول ادعاء متعلق بصعوبة واقعية أو قانونية ويرمي إلى إيقاف التنفيذ أو تأجيله أو إلى متابعته أو مواصلته"[17].
إن الملاحظة التي تنطبق على كل من هذا التعريف وصياغة الفصل 436 أنهما لم يحددا صفة أطراف إثارة الصعوبة أمام عون التنفيذ حيث يطرح السؤال حول المقصود بلفظ الأطراف.
هكذا ذهب البعض إلى اعتبار أن التحديد الذي جاء به الفصل 436 للأشخاص اللذين يمكنهم إحالة الصعوبة على الرئيس ينطبق على مفهوم الأطراف بالنسبة لإثارة الصعوبة بالإضافة إلى الغير[18] وهو رأي منتقد على اعتبار أن الاخد بالتحديد الوارد في الفصل أعلاه يجعل من عون التنفيذ طرفا يقوم بإثارة الصعوبة و الحال انه يحيلها على الرئيس إذ لا يتصور قيام عون التنفيذ بإثارة الصعوبة أمام نفسه.
وعله يمكن القول بان المقصود بالأطراف في مفهوم هذا الفصل كل من المنفذ له و المنفذ عليه كطرفين أصليين في التنفيذ ويمكن مسايرتا لتوجه بعض الفقه أن نضيف إلى هؤلاء الغير الذي تدعو الضرورة إلى مشاركته في التنفيذ فيصير طرفا فيه طبقا للفصل 437 من ق.م.م[19].
هذا وإذا كانت إثارة الصعوبة أمام عون التنفيذ الآلية الإجرائية المخولة للأطراف في لرفع الصعوبة فان تقييم مدى تحقيق هاته الغاية (أي رفع الصعوبة) وكيفية التعامل معها يفرض البحث في طبيعة تدخل عون التنفيذ ودوره في معالجة الادعاءات المثارة أمامه بشان صعوبة التنفيذ.
هكذا يمكن الإشارة بداية إلى أن المشرع الفرنسي لم يخول العون القضائي أي دور في إطار معالجة الصعوبات في التنفيذ إذ أناط به فقط مهمة اللجوء إلى قاضي التنفيذ في حالة ما إذا اعترض التنفيذ صعوبة ما[20]، وهذا على خلاف موقف المشرع المغربي الذي اقر بإمكانية تدخل عون التنفيذ من اجل محاولة معالجة العون للصعوبة المثارة أمامه.
وعليه وطبقا للفصل 436 من ق.م.م فان معالجة العون للصعوبة المثارة أمامه من قبل الأطراف يتم عن طريق اتخاذ إجراء بإيقاف التنفيذ (أولا) أو إجراء يتعلق بتأجيله (ثانيا).
أولا: إيقاف التنفيذ.
إن تقديم طلب إيقاف التنفيذ في إطار إثارة الصعوبة يكون غالبا من طرف المنفذ عليه الذي تتضرر مصالحه من جراء استمرار سريان التنفيذ غير أن عون التنفيذ لا يقوم بالاستجابة إلى هذا الطلب و لا يوقف بالتالي التنفيذ إلا إذا تأكد وتثبت من أن الصعوبة قائمة فعلا وذلك بناءا على حجج قاطعة مباشرة وحاسمة.
ثانيا: تأجيل التنفيذ.
إن قيام عون التنفيذ بتأجيل التنفيذ يتعلق بالصعوبة المثارة أمامه و الغالب أن يكون الطرف مثير الصعوبة هو المستفيد من تأجيل التنفيذ، إلا انه ليس بالضرورة أن يكون هو المنفذ عليه بل قد يكون المنفذ له هو نفسه المستفيد من تأجيل التنفيذ بقصد قيامه باستدراك العيب الذي قد يشوب التنفيذ و الممكن استغلاله من طرف المنفذ عليه.
هذا و تجب الإشارة إلى أن اتخاذ عون التنفيذ للإجراء المتمثل في تأجيل التنفيذ يخضع لبعض الشروط الموضوعية منها و الإجرائية و التي يمكن حصرها إجمالا في ضرورة أن يكون تأجيل التنفيذ صادرا في إطار مسطرة إثارة الصعوبة وان يستند عون التنفيذ في اتخاذه هذا الإجراء على الإثباتات الكافية[21].
وفي الأخير يمكن القول أن إيقاف التنفيذ أو تأجيله لا يرقيان إلى مستوى التدخل المؤثر في الصعوبة المثارة على نحو يمكن من معالجتها إذ لا يتجاوز إثرهما تأجيل الصعوبة ووقفها إلى حين إحالتها على الرئيس.
 
الفقر الثانية: إحالة الصعوبة على الرئيس.
لقد تم تقرير هذه الآلية الإجرائية المتعلقة بإحالة الصعوبة في التنفيذ على رئيس المحكمة  وذلك من منطلق أن معالجة الادعاءات من طرف عون التنفيذ و المثارة أمامه قد يكتنفها احتمال الخطأ في اتخاذ إجراء وقف التنفيذ مثلا أو تأجيله مما يجعل من مسطرة إحالة الصعوبة على الرئيس إجراءا استدراكيا ومصححا للمواقف التي قد يتخذها عون التنفيذ.
وإحالة الصعوبة على الرئيس تعتبر بمثابة نقل لما سبق عرضه على عون التنفيذ إذ أن آلية إحالة الصعوبة ماهي إلا امتداد لآلية إثارة الصعوبة أمام عون التنفيذ وهي بذلك تختلف عن كل من الإجراءات الأخرى المقاربة لها كإخبار الرئيس أو إخطاره أو استئذانه و التي تعتبر كلها بمثابة عرض للتنفيذ مباشرة بين يدي الرئيس في حين أن الإحالة تسبقها إثارة الصعوبة أمام عون التنفيذ.
وعلى خلاف الغموض الذي شاب صفة أطراف إثارة الصعوبة فان الفصل 436  عمل على التحديد الدقيق و الحصري لأطراف إحالة الصعوبة حيث اعتبر أن هذه الأخيرة يقوم بها كل من المنفذ له و المحكوم عليه/ المنفذ عليه و العون المكلف بتبليغ أو تنفيذ الحكم.
هذا ويتعامل الرئيس مع الصعوبة المحالة عليه بقصد معالجتها ومحاولة رفعها وذلك من خلال اتخاذه لاجرائين:
·       فإما أن يقوم بصرف النظر عن الادعاءات المتعلقة بالصعوبة إذا تبين له أنها لا ترمي إلا إلى محاولة تعطيل إجراءات التنفيذ حيث يعتبر هذا الموقف بمثابة أمر بمواصلة التنفيذ إن كان موقوفا أو مؤجلا.
·       وإما أن يأمر بإيقاف التنفيذ إذا وقف على جدية الادعاءات المحالة عليه ويعمل عون التنفيذ على الوقف الميداني لعملية التنفيذ إن لم يكن فعلا قد أوقفها في إطار مسطرة إثارة الصعوبة.
المطلب الثاني: الآليات الإجرائية المتاحة للاغيار في رفع الصعوبة.
كما سبقت الإشارة إلى ذلك فان ادعاء الصعوبة في التنفيذ يرمي إلى حماية مصلحة خاصة لمدعي الصعوبة ذلك انه إذا كانت مصلحة كل من المنفذ عليه و المنفذ له في إثارة الصعوبة و إحالتها تتمثل على التوالي في محاولة تجنب أثار التنفيذ وتعطيلها أو محاولة إزالة كل العقبات التي تحول دون التنفيذ و بالتالي استيفاء الحق فان مصلحة الغير التي ينطوي عليها ادعاء الصعوبة تتجسد في حماية ملكيته الخاصة للمال المنفذ عليه منقولا كان أو عقارا.
وعليه سنعمل في إطار مطالبة الغير باستحقاق المنقول أو العقار على الوقوف عند كيفية تعامل الجهات المشرفة على التنفيذ الغير القضائية منها و القضائية مع هاته المطالبات المتعلقة بالصعوبة في التنفيذ وذلك بغية معالجتها ومحاولة رفعها.
وهكذا سيجري بحث مطالبة الغير باستحقاق المنقول (فقرة أولى ) على أن يلي ذلك التعرض للآلية المتمثلة في مطالبة الغير باستحقاق العقار (فقرة ثانية).
 
الفقرة الأولى:  مطالبة الغير باستحقاق المنقول.
طبقا للفصل 468 من ق.م.م فان مطالبة الغير باستحقاق ملكية المنقول تمر بثلاثة مراحل تختلف تبعا لطبيعة الجهة التي تقدم أمامها هاته المطالبة حيث يمكن التمييز بين مرحلة ادعاء ملكية المنقول أمام عون التنفيذ (أولا) و مرحلة رفع النزاع إلى الرئيس (ثانيا) ثم مرحلة المطالبة القضائية أمام المحكمة أي دعوى الاستحقاق (ثالثا)[22].
أولا: ادعاء الملكية أمام عون التنفيذ.
إن الجدير بالبحث في هذا الخصوص هو الكيفية التي يتدخل بها عون التنفيذ من اجل محاولة معالجة ورفع الادعاء الذي يقدمه الغير و الرامي إلى استحقاقه ملكية المنقول المنفذ عليه.
وهكذا وبصريح الفصل 468 من ق.م.م فان عون التنفيذ يملك التدخل المباشر في إطار تعامله مع الادعاءات المتعلقة بالاستحقاق حيث يقوم باتخاذ إجراء وقف البيع مستندا في ذلك على حجج جدية وكافية.
وبما أن الأصل هو الاستمرار في التنفيذ ومواصلة إجراءات البيع فان عون التنفيذ يتعامل مع ادعاء الغير ملكية المنقول على أنها صعوبة يلاحظها تلقائيا فلا يعمد إلى وقف التنفيذ ولا يحيل الادعاء إلى الرئيس إذا كان الإثبات المستند إليه غير كافي.
ثانيا: رفع النزاع إلى الرئيس.
إذا كانت آلية إحالة الصعوبة على الرئيس كما سبق بحثها في إطار الآليات الإجرائية المخولة للأطراف اللذين عمل الفصل 436 من ق.م.م على تحديدهم حصرا في كل من المنفذ له و المنفذ عليه وكذا عون التنفيذ فان رفع النزاع إلى الرئيس في إطار المطالبة باستحقاق المنقول لا يقوم به إلا الغير دون سواه[23].
هذا وتجدر الإشارة إلى أن إمكانيات تدخل الرئيس في إطار تعامله مع هذا النزاع المرفوع أمامه هي أوسع واهم من تلك المناطة بعون التنفيذ ذلك أن تدخل الرئيس لا يقتصر على تأجيل البيع الذي نص عليه صراحة الفصل 468 وهو ما لا يحضى  به عون التنفيذ بل إن تدخله قد يشمل أيضا الأمر بوقف البيع كإجراء يمكن أن يتخذه عون التنفيذ وذلك على اعتبار أن رفع النزاع إلى الرئيس إنما يتوخى منه في كثير من الحالات استجابة الرئيس لطلب وقف البيع الذي قد لم يكن لعون التنفيذ أن يتجاوب معه بالنظر لمحدودية إمكانياته في تقدير الحجج و الاخد بموقف حاسم بالاستناد عليها.
غير أن ما تجب الإشارة إليه بهذا الشأن أن العمل يظهر أن الرئيس لا يأمر  بإيقاف البيع في حالات كفاية الحجج وإذا ما أمر بذلك فانه يكون من اجل فتح الباب أمام تقديم طلب الاستحقاق إلى المحكمة داخل اجل ثمانية أيام فهو يعبر بذلك عن تأجيل البيع بإيقافه[24].
ثالثا: دعوى الاستحقاق.
دعوى الاستحقاق هي تلك المنازعة الموضوعية التي يرفعها شخص من الغير يدعي ملكية المنقولات المادية المحجوزة أو أي حق عيني يتعلق بها ويطلب فيها تقرير حقه على هذه المنقولات ووقف بيعها لتعارضه مع حقه عليها[25].
ودعوى استحقاق المنقول لكي تؤدي إلى وقف البيع بقوة القانون يجب تقديمها أمام المحكمة مكان التنفيذ وداخل اجل ثمانية أيام من تاريخ أمر الرئيس بتأجيل البيع وذلك تحت طائلة مواصلة سريان إجراءات البيع.
 
الفقرة الثانية: مطالبة الغير باستحقاق العقار.
تستند هذه المطالبة الرامية إلى استحقاق الغير لملكية العقار المحجوز إلى مقتضيات الفصل 482 من ق.م.م الذي جاء فيه " إذا ادعى الغير أن الحجز انصب على عقارات يملكها أمكنه لإبطال الحجز رفع دعوى الاستحقاق.
….".
وعليه وبخلاف ما هو عليه الأمر في المطالبة باستحقاق المنقول حيث تتعدد الجهات التي يمكن إقامة هذه المطالبة أمامها فان المطالبة باستحقاق العقار تكون فقط من خلال سلوك دعوى الاستحقاق الفرعية.
ودعوى الاستحقاق الفرعية هي تلك المنازعة الموضوعية التي يرفعها شخص من الغير مدعيا ملكية العقار الذي بدأت إجراءات التنفيذ عليه ويطلب فيها تقرير حقه على العقار وبطلان إجراءات التنفيذ[26].
ومادامت أن دعوى الاستحقاق هي الإجراء الذي يمكن سلوكه في المطالبة بملكية العقار فان هذا يفيد تجاوز كل من عون التنفيذ ورئيس المحكمة باعتبارهما جهتين لهما تدخل واضح في مسطرة المطالبة باستحقاق المنقول.
وهكذا فانه مادمنا أمام دعوى استحقاق عقارية فانه لا مجال للحديث عن وقف البيع أو تأجيله كاجرائين يتخذهما الرئيس أو عن وقف البيع كإجراء يتخذه عون التنفيذ.
ويشترط في هذه الدعوى كي تكون مؤثرة وموقفة لإجراءات البيع أن تقدم قبل إرساء المزايدة النهائية وان تستند على حجج جدية بحيث يظهر منها أن المطالبة بالاستحقاق صحيحة.
وعليه فان قبول عدوى الاستحقاق بناءا على سلوك المدعي لمسطرة الفصل 483 من ق.م.م[27] ينتج عنها بقوة القانون وقف إجراءات البيع العقاري وهو ما لا يعد سوى إجراء وقتي تتدخل عبره المحكمة من اجل العمل على محاولة تطويق الصعوبة في التنفيذ الناتجة عن هذه المطالبة.
 
 
خاتمة
 
إن الاختلال الذي يعتري التنظيم القانوني لمؤسسة صعوبة التنفيذ والراجع إلى غياب نظرية عامة لصعوبة التنفيذ في التشريع المغربي يمكن تطبيقها على كل حالات الصعوبة في التنفيذ هو ما يفسر محدودية وعدم فعالية الآليات الإجرائية التي يتم التدخل بها من اجل معالجة الصعوبة ورفعها.
وعليه فان نظام صعوبة التنفيذ في التشريع المغربي يصدق عليه بحق التشبيه البليغ الذي قال به أستاذنا محمد احداف إذ اعتبره مقبرة للأحكام وفي أحسن الأحوال إحالة لها على قسم الإنعاش.
إن واقع معضلة التنفيذ يفرض إذن التدخل التشريعي العاجل من اجل صياغة بدائل حقيقة لعبث اسمه صعوبة التنفيذ بتعبير أستاذنا محمد احداف.
 
 
 
 
 
 
 
لائحة المراجع المعتمدة
الكتب
·        عبد الكريم الطالب: "الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية" الطبعة الخامسة 2008.
·        إدريس العلوي العبدلاوي: "الوسيط في شرح المسطرة المدنية"، الجزء الأول، طبعة 1999.
الابحاث الجامعية
·        عبد الرحيم الصقلي: "طرق معالجة الادعاءات الواردة على صعوبة تنفيذ الأحكام المدنية"  أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص كلية الحقوق اكدال ٬سنة النشر 2005 الطبعة الأولى.  
المقالات
·        محمد بولمان: "بعض ملامح الصعوبة في الأحكام" مجلة الإشعاع، العدد 12.
·        عمر أزوكار: "بعض مظاهر صعوبة التنفيذ وطرق معالجتها من طرف القضاء" جريدة الاتحاد الاشتراكي، العدد 6625 بتاريخ 30/09/2001.
·        الشرقاوي الغزواني نور الدين: "الصعوبة في تنفيذ الأحكام المدنية والزجرية" مجلة المحامي، العدد 23 و.24
·        محمد الخراز: "الصعوبات المثارة حول تنفيذ الأحكام أمام القضاء المستعجل" مجلة القسطاس، العدد 3 سنة 2004 .
·        عبد النبي محترم: "إشكالات تنفيذ الأحكام المدنية" مجلة الإشعاع، العدد 20.
·        بن سالم أودجا: "مؤسسة قاضي التنفيذ من خلال التشريع المقارن الفرنسي والمصري" مجلة القضاء والقانون، العدد 151.
المجلات
·        مجلة المجلس الأعلى. عدد 45.
 
الفهرس
 
مقدمة…………………………………………………………………1
المبحث الأول: النظام القانوني لصعوبة التنفيذ…………………………….4
المطلب الأول: ماهية صعوبة التنفيذ………………………………………4
الفقرة الأولى: مميزات صعوبات التنفيذ……………………………………5
أولا: صعوبة التنفيذ مرحلة ما بعد صدور الحكم……………………………5
ثانيا: قيام الصعوبة على وقائع وأسباب لاحقة………………………………7
الفقرة الثانية: أنـــواع الصعــوبـــة………………………………7
الفقرة الثالثة: صعوبة التنفيذ وبعض المفاهيم المشابهة……………………….8
أولا: صعوبة التنفيذ وإيقاف التنفيذ المعجل…………………………………8
ثانيا: صعوبة التنفيذ ومفهوم الطعن……………………………………….9
المطلب الثاني: دعوى صعوبة التنفيذ……………………………………10
الفقرة الأولى: أطراف دعوى الصعوبة………………………………….11
أولا: الأطراف المباشرة……………………………………………….11
ثانيا: الطرف غير المباشر……………………………………………..12
الفقرة الثانية: الجهة المختصة بالنظر في دعوى الصعوبة………………….14
الفقرة الثالثة: آثار دعوى صعوبة التنفيذ………………………………….15
أولا: بالنسبة للأطراف المباشرة………………………………………..16
ثانيا: بالنسبة للغير…………………………………………………….16
المبحث الثاني: رفع الادعاءات المتعلقة بصعوبة التنفيذ…………………..18
المطلب الأول: الآليات الإجرائية المتاحة للأطراف في رفع الصعوبة………..19
الفقر الأولى: إثارة الصعوبة أمام عون التنفيذ…………………………….20
أولا: إيقاف التنفيذ…………………………………………………….22
ثانيا: تأجيل التنفيذ…………………………………………………….22
الفقر الثانية: إحالة الصعوبة على الرئيس………………………………..23
المطلب الثاني: الآليات الإجرائية المتاحة للاغيار في رفع الصعوبة…………24
الفقرة الأولى:  مطالبة الغير باستحقاق المنقول……………………………25
أولا: ادعاء الملكية أمام عون التنفيذ……………………………………..25
ثانيا: رفع النزاع إلى الرئيس…………………………………………..26
ثالثا: دعوى الاستحقاق………………………………………………..27
الفقرة الثانية: مطالبة الغير باستحقاق العقار………………………………27
خاتمة……………………………………………………………….29
لائحة المراجع………………………………………………………..30

الفهرس……………………………………………………………..32 

مشاركة مميزة

أساتذة القانون يطالبون بولوج مهنة المحاماة

أثارت مسودة مشروع مهنة المحاماة، التي أعدتها جمعية هيئات المحامين بالمغرب، نقاشا واسعا في صفوف أساتذة القانون بمختلف كليات الحقوق على الصع...

المشاركات الشائعة